الباب الأول فيما أنبأ الله تعالى به في القرآن من ذكر الفرج بعد البؤس والامتحان قال الله تعالى وهو أصدق القائلين وقوله الحق اليقين بسم الله الرحمن الرحيم: (ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب (1) فهذه السورة كلها مفصحة بأذكار الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم منته عليه في شرح صدره بعد الغم والضيق ووضع وزره عنه، وهو الاثم بعد أنقاض الظهر، وهو الثقل الذي أثقله لنقض العظام كما ينتقض البيت إذا صوت للوقوع. ورفع جل جلاله ذكره بعد أن لم يكن بحيث جعله مذكورا معه، والبشارة له في نفسه عليه الصلاة والسلام وفى أمته بأن مع اليسر الواحد يسرين إذا رغبوا إلى الله تعالى ربهم وأخلصوا له طاعاتهم ونياتهم وقال الله تعالى: (سيجعل الله بعد عسر يسرا (2) (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه (3) وقال جل ثناؤه: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه - إلى قوله - اعلم أن الله على كل شئ قدير (4) فأخبر الله تعالى ان الذي مر على القرية استبعد أن يكشف الله عنها وعن أهلها البلاء بقوله: (أنى يحيى هذه الله بعد موتها، فأماته الله مائة عام ثم بعثه) إلى آخر القصة فلا شدة أشد من الموت والخراب، ولا فرج أفرج من الحياة أو العمارة. فأعلمه الله تعالى بما فعله به أنه لا يجب أن يستبعد فرجا من الله وصنعا كما عمل به، وانه قادر على أن يحيى القرية وأهلها كما أحياه الله تعالى فأراه بذلك آياته ومواضع صنعه وقال جل ثناؤه: (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه (5)
(٩)