بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب الحمد لله الذي جعل بعد الشدة فرجا، ومن الضيق سعة ومخرجا، ولم يخل محنة من منحة، ولا نقمة من نعمة، ولا نكبة ورزية، من موهبة وعطية، وصلى الله على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
(أما بعد): فانى لما رأيت أبناء الدنيا متقلبين فيها بين خير وشر، ونفع وضر، ولم يكن لهم في أيام الرخاء، أنفع من الشكر والثناء، ولا في أيام البلاء، أنجع من الصبر والدعاء، لان من جعل الله عمره أطول من محنته، فإنه سيكشفها عنه بطوله ورأفته، فيصير ما هو فيه من الأذى، كما قال بعض من مضى، ويروى للأغلب العجلي أو غيره:
الغمرات ثم ينجلينا * ثمت يذهبن فلا يجينا وطوبى لمن وفق في الحالين، للقيام بالواجبين. وجدت من أقوى ما يفزع إليه، من أناخ الدهر بمكروهه عليه، قراءة الاخبار التي تنبئ عن تفضل الله عز وجل على من حصل قبله في محصله، ونزل به مثل بلائه ومعضله، بما أتاحه الله تعالى له من صنيع أسهل به الأرزاق، ومعونة حل بها الخناق، ولفظ غريب نجاه، وفرج عجيب أنقذه وتلافاه، وإن خفيت من ذلك الأسباب، ولم يبلغ ما حدث منه الفكر والحساب، فان في معرفة الممتحن بذلك تشحيذ بصيرته للصبر، وتقوية عزيمته على التسليم لله مالك كل أمر، وتصويب رأيه في الاخلاص، والتفويض إلى من بيده ملك النواص، وكثيرا إذا علم الله تعالى من وليه وعبده، انقطاع آماله إلا من