الغدير، وتوجهت لطلب الصيد فرزقت ذلك اليوم منه ما لم أطمع في مثله كثرة، ثم نزلت وقد ضربت المضارب فأمرت الطباخين فطبخوا لي ما اشتهيت من الطعام ثم نصبت المائدة بين يدي وإني لأنتظر الطبيخ يغرف إذ سمعت ضجة ما فهمت خبرها حتى رأيت رؤس أصحابي تتساقط عن أبدانهم، فتخبيت عن مكاني وخلعت ثيابي، ولبست ثياب بعض عبيدي ثم نظرت يمنة وشمالا فلم أر حولي إلا مقتولا، وأرى فاعل ذلك كله بأصحابي منسر من مناسر الرخان ثم أسرت كما يؤسر العبيد واحتملوا كل ما كان معنا من مضرب وغيره، وصاروا بي إلى ملك الرخان فلما رآني لم يكن له ولد ذكر أمر بالتوسعة على وأن أكون واقفا على رأسه وسماني ابنه قال: وكان له ابنة كان مغرما بها وقد علمها الفروسية ومساواة الاقران ومقاتلتهم ومراكدتهم قال: فقال لجماعة من بطارقته من منكم يتوجه إلى ملك الروم فيجئني بكاتب من بلده ليعلم ابنتي الكتابة، فأعلمته أن رسولا لا يأتيه بأكتب منى فأمرني أن أكتب بين يديه فكتبت فاستحسن خطى وقرنه بكتب كانت ترد عليه من والدي فرأى خطى أجود فدفع ابنته إلى وأمرني أن أعلمها الكتابة فهويتها وهويتني فمكثت معي حتى استوفت ثلاثة عشر سنة ثم عادت إلى يوما وهي باكية فقلت لها ما يبكيك يا سيدتي؟ فقالت إني كنت جالسة بين يدي أمي وأبى في هذه الليلة وغلبتني عيناي فنمت فسمعت أبي يقول لامي أرى ثدي ابنتك قد ثقل، وأرى خلق هذا الرومي قد غلظ وليس ينبغي أن يجتمعا بعد هذا الوقت فإذا جلست غدا معه فابعثي إليها من يفرق بينها وبينه حتى لا يراها ولا تراه قال البطريق: من سنة الرخان أن يكون الرجل يخطب لابنته حتى يزوجها ولا يخطب الرجل لابنته زوجا دون أن تختاره البنت. قال البطريق: فقلت لابنة الملك إذا سألك أبوك عمن تحبين أن يخطب لك من الرجال فقولي لست أريد إلا هذا الرومي فغضبت وقالت: كيف يجوز لي أن أسأل أن تخطب لي وأنت عبد؟ قال فقلت ما جعلني الله عز وجل عبدا. وإني ابن الملوك وأبى ملك الروم. قال البطريق وأهل الرخان يسمون البطريق الرومي الذي يتولى جند رخان ملك الروم فسألتني: هل ما أعلمتها
(١٤٩)