ويحلها من كان صاحب عقدها * ثقة به إذا كان يحسن حلها قال: فلم أصل العتمة ذلك اليوم حتى أطلقت فصليتها في داري. ووجدت في هذا الخبر ان هذه الرقعة وقعت في يد الواثق من الابتداء والجواب، فأمر باطلاق سليمان وقال: والله لا تركت الفرج يموت في حبسي لا سيما من خدمني، فأطلقه وابن الزيات كاره لذلك.
وروى أن الحسن البصري دخل على الحجاج واسط فرأى بناءه فقال:
" الحمد لله ان هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبرا، وانا لنرى فيهم عبرا، يعمد أحدهم إلى قصر فيشيده، وفرس فيتخذه وقد حف به ذباب طمع وفراش نار، ثم يقول ألا فانظروا ما صنعت فقد رأينا يا عد والله ما صنعت فماذا يا أفسق الفاسقين، أما أهل السماء فمقتوك، وأما أهل الأرض فلعنوك، ثم خرج وهو يقول: إنما أخذ الله الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه، فتغيظ الحجاج عليه غيظا شديدا وقال يا أهل الشام: هذا عبيد أهل البصرة يدخل على فيشتمني في وجهي فلا يكون له مغير ولا نكير والله لأقتلنه، فمضى أهل الشام إلى الحسن فحملوه إلى الحجاج وعرف الحسن ما قاله، فكان طول طريقه يحرك شفتيه. فلما دخل وجد السيف والنطع بين يدي الحجاج وهو متغيظ، فلما رآه الحجاج كلمه بكلام غليظ فرفق به الحسن ووعظه، فأمر الحجاج بالسيف والنطع فرفعا ولم يزل الحسن يمر في كلامه حتى دعا الحجاج بالطعام فأكلا، وبالوضوء فتوضأ، وبالغالية فغلفه بيده وصرفه مكرما. قال صالح بن مسمار: فقيل للحسن بم كنت تحرك شفتيك؟ قال قلت: يا غياثي عند دعوتي، ويا عدتي في ملتي، ويا ربى عند كربتي، ويا صاحبي في شدتي، ويا ولي في نعمتي، ويا إلهي وإله إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، وموسى، وعيسى، ويا رب النبيين كلهم أجمعين، ويا رب كهيعص، وطه، وطس، ويس، ويا رب القرآن الكريم، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين، وارزقني مودة عبدك الحجاج وخيره ومعروفه، واصرف عنى أذاه وشره ومكروهه ومعرته، قال صالح: فما دعونا بها في شدة إلا فرج عنا.