وبقيت متحيرا لا أدرى ما أصنع، وغلظ على الامر جدا فأدركني الليل وفكرت في بكور الخراساني فلم يأخذني نوم ولم أقدر على الغمض. فقمت إلى الغلام وقلت له: أسرج لي البغلة. فقال يا مولاي: هذه العتمة بعد وما مضى من الليل شئ فإلى أين تمضى؟! فرجعت إلى الفراش فإذا النوم ممتنع على فلم أزل أقوم إلى الغلام وهو يردني حتى فعلت ذلك ثلاث مرات وأنا لا يأخذني القرار حتى طلع الفجر وأسرج الغلام البغلة وأقبلت أفكر وهي تسير حتى بلغت الجسر فعدلت بي إليه فتركتها فعبرت ثم قلت إلى أين أعبر ولكن إن رجعت وجدت الخراساني على بابى فأعدها تمضى حيث شاءت فلما عبرت الجسر أخذت بي يمنة دار المأمون فتركتها ومرت فلم أزل كذلك إلى أن قربت من دار المأمون والدنيا بعد مظلمة وإذا بفارس قد تلقاني ونظر في وجهي ثم سار وتركني ثم رجع إلى وقال: ألست أبا حسان الزيادي؟
قلت: نعم. قال بعثت إليك. فقلت وما تريد يرحمك الله؟ ومن بعثك إلى فقال الأمير حسن بن سهل. فقلت في نفسي ما يريد منى ثم قلت فها أنا ذا أمضى إليه فمضى حتى أستأذن لي عليه فدخلت عليه فقال أبا حسان. ما خبرك، وكيف حالك، ولم انقطعت عنا؟ قلت: لأسباب، وذهبت أعتذر من التخلف. فقال دع ذا عنك أنت في لوثة وأمر ما هو فانى رأيتك البارحة في النوم في تخليط كثير. فابتدأت فشرحت له قصتي من أولها إلى آخرها إلى أن لقيني صاحبه ودخلت عليه فقال: لا أغمك الله يا أبا حسان قد فرج الله عنك هذه بدرة للخراساني مكان بدرته، وبدرة أخرى تتسع بها فإذا نفدت اعلمنا. فرجعت من ساعتي فقضيت دين الخراساني واتسعت بالباقي وفرج الله عز وجل عنى * وحدثني بهذا الحديث أبو الفرج محمد بن محمد بن جعفر قال حدثنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي حسان الزيادي، وكان محدثا ببغداد ثقة مشهورا قال: حدثني أبي عن أبيه قال: كنت وليت القضاء من قبل أبى يوسف القاضي رحمه الله ثم صرفت وتعطلت وضقت إضاقة شديدة وركبني دين فادح، لخباز، وبقال، وقصاب، وعطار