عمران بن مسلم بن أبي بكر الهذلي يقول: سمعت الشعبي يقول:
أتى بي الحجاج موثقا "، فلما دخلت عليه استقبلني يزيد بن مسلم فقال: إنا لله يا شعبي على ما بين دفتيك من العلم، وليس بيوم شفاعة، بؤ للأمير بالشرك وبالنفاق على نفسك، فبالحري أن تنجو منه، فلما دخلت عليه استقبلني محمد بن الحجاج فقال لي مثل مقالة يزيد، فلما مثلت بين يدي الحجاج قال: وأنت يا شعبي فيمن خرج علينا وكثر؟ قلت: نعم، أصلح الله الأمير، أحزن بنا المبرك وأجدب بنا الجناب وضاق المسلك واكتحلنا السهاد واستحلسنا الخوف ووقعنا في فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء، قال: صدق والله ما بروا بخروجهم علينا ولا قووا إذ فجروا، أطلقوا عنه.
قال الشعبي: ثم احتاج إلى فريضة فقال:
ما تقول في أخت وأم وجد؟ قلت: اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، عبد الله وزيد وعلي وعثمان وابن عباس، قال:
فماذا قال فيها ابن عباس؟ فلقد كان متقيا "، قلت: جعل الجد أبا " وأعطى الأم الثلث ولم يعط الأخت شيئا "، قال: فماذا قال فيها عبد الله؟ قلت: جعلها من ستة، فأعطى الأخت النصف، وأعطى الأم السدس، وأعطى الجد الثلث، قال: فما قال فيها زيد؟ قلت: جعلها من تسعة، فأعطى الأم ثلاثة، وأعطى الأخت سهمين، وأعطى الجد أربعة، قال: فما قال فيها أمير المؤمنين عثمان؟ قلت: جعلها أثلاثا "، قال: فما قال فيها أبو تراب؟ - قلت: جعلها من ستة، أعطى الأخت النصف، وأعطى الأم الثلث، وأعطى الجد السدس، قال: فضرب بيده على أنفه وقال: إنه المرء لا يرغب عن قوله، ثم قال للقاضي: أمرها على مذهب أمير المؤمنين عثمان ".
أقول: إنما استدركنا هذا المطلب هنا لبعض ما فيه من اختلاف اللفظ مع ما نقلناه في ذيل الصفحة آنفا.