النار يقول النبيون والصديقون: يا عبد الله بن عمر ما فعل سعد وخارجة؟ وكانا قتلا يوم أحد كلا إنها لظى نزاعة للشوى 1 ثم خفت الصوت.
١ - آيتان من سورة المعارج (آية ١٥ - ١٦).
حيث إن القصة نقلت بعبارات مختلفة ومن أحسن موارد نقلها من جهة الجامعية للفوائد تاريخ ابن كثير فالأولى أن ننقل القصة بعبارة نقلها هو في تاريخه حتى يتبين معنى ما في المتن كما هو حقه فنقول:
قال ابن كثير في البداية والنهاية (ج 6، ص 156 - 158) بعد ذكره ما نقلناه عنه آنفا (ص 384 من هذا الكتاب) من نقل قول البيهقي: " وهذا إسناد صحيح وله شواهد " ما نصه:
" ثم ساقه (ى البيهقي) من طريق أبي بكر عبد الله بن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت:
حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي - خالد قال: جاء يزيد بن النعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرحمن بكتاب أبيه النعمان بن بشير - يعني إلى أمه -:
بسم الله الرحمن الرحيم من النعمان بن بشير إلى أم عبد الله بنت أبي هاشم سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله هو فإنك كتبت إلي لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة وأنه كان من شأنه أنه أخذه وجع في حلقه وهو يومئذ من أصح الناس أو أهل المدينة - فتوفي بين صلاة الأولى وصلاة العصر فأضجعناه لظهره وغشيناه ببردين وكساء فأتاني آت في مقامي وأنا أسبح بعد المغرب فقال: إن زيدا قد تكلم بعد وفاته فانصرفت إليه مسرعا " وقد حضره قوم من الأنصار وهو يقول أو يقال على لسانه: الأوسط أجلد الثلاثة الذي كان لا يبالي في الله لومة لائم، كان لا يأمر الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم، عبد الله أمير المؤمنين صدقصدق كان ذلك في الكتاب الأول، ثم قال: عثمان أمير المؤمنين وهو يعافي الناس من ذنوب كثيرة، خلت اثنتان وبقي أربع، ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا " فلا نظام وأنتجت الأكما، ثم ارعوى المؤمنين (في الهامش: كذا بالأصول التي بأيدينا ولعلها: المؤمنون) وقال: كتاب الله وقدره، أيها الناس أقبلوا على أميركم واسمعوا وأطيعوا، فمن تولى فلا يعهدن دما وكان أمر الله قدرا مقدورا، الله أكبر هذه الجنة وهذه النار، ويقول النبيون والصديقون: سلام عليكم، يا عبد الله بن رواحة هل أحسست لي خارجة لأبيه وسعدا الذين قتلا يوم أحد (كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى) ثم خفت صوته.
فسألت الرهط عما سبقني من كلامه فقالوا:
سمعناه يقول: أنصتوا أنصتوا، فنظر بعضنا إلى بعض فإذا الصوت من تحت الثياب، قال: فكشفنا عن وجهه فقال: هذا أحمد رسول الله سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم قال: أبو بكر الصديق الأمين خليفة رسول الله كان ضعيفا " في جسمه قويا " في أمر الله صدقصدق وكان في الكتاب الأول.
ثم رواه الحافظ البيهقي عن أبي نصر بن قتادة عن أبي عمرو بن بجير عن علي بن الحسين عن المعافي بن سليمان عن زهير بن معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد فذكره وقال هذا إسناد صحيح. [وقد روى هشام بن عمار في كتاب البعث عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني عمير بن هاني حدثني النعمان بن بشير قال: توفي رجل منا يقال له خارجة بن زيد فسجينا عليه ثوبا " فذكر نحو ما تقدم].
قال البيهقي: وروى ذلك عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير وذكر بئر أريس كما ذكرنا في رواية ابن المسيب. قال البيهقي: والأمر فيها أن النبي (صلى الله عليه وآله) اتخذ خاتما " فكان في يده ثم كان في يد أبي بكر من بعده ثم كان في يد عمر ثم كان في يد عثمان حتى وقع منه في بئر أريس بعدما مضى من خلافته ست ستين فعند ذلك تغيرت عماله وظهرت أسباب الفتن كما قيل على لسان زيد بن خارجة.
قلت: وهي المرادة من قوله: مضت اثنتان وبقي أربع، أو مضت أربع وبقي اثنتان، على اختلاف الرواية والله أعلم.
وقد قال البخاري في التاريخ: زيد بن خارجة الخزرجي الأنصاري شهد بدرا "، توفي زمن عثمان وهو الذي تكلم بعد الموت. قال البيهقي: وقد روى في التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة، والله أعلم.
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا خلف بن هشام البزار، حدثنا خالد الطحان عن حصين عن عبد الله بن عبيد الأنصاري أن رجلا من بني سلمة تكلم فقال: محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عثمان اللين الرحيم، قال: ولا أدري أيش قال في عمر، كذا زواه ابن أبي الدنيا في كتابه.
وقد قال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب أنبأنا علي بن عاصم أنبأنا حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبيد الأنصاري قال: بينما هم يثورون القتلى يوم صفين أو يوم الجمل إذ تكلم رجل من الأنصار من القتلى فقال: محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الشهيد، عثمان الرحيم ثم سكت.
[وقال هشام بن عمار في كتاب البعث...] ".
أقول: نقل السيوطي في شرح الصدور في " باب زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم ورؤيتهم لهم " أمثال ما نقله ابن كثير في تاريخه فمن أراد البحث عن المطلب أكثر مما خضنا فيه فليراجع مظان التفصيل فإن المقام لا يسع أكثر من ذلك.