فأناخوا ثم استقلوا فغدوا خفافا وراحوا خفافا ثم يجدوا عن مضى نزوعا ولا إلى ما تركوا رجوعا جدبهم فجدوا وركنوا إلى الدنيا فما استعدوا حتى اخذ بكظمهم فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول ينتصل فيكم مناياه ويمضى باخياركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب فرحم الله امرءا راقب ربه وخاف ذنبه وكابر هواه وكذب مناه ورحم الله امرءا أزم نفسه قوى وألجمها من خشية ربها بلجام فقادها إلى الطاعة بزمامها وقدعها عن المعصية بلجامها رافعا إلى المعاد طرفه متوقعا كل أوان حتفه دائم الفكر طويل السهر غروف عن الدنيا كدوح لأمر آخرته جعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدة وفاته فاعتبر وقاس وترك الدنيا والناس أيها الناس أحذركم الدنيا و الاغترار بها فكان قد زالت عن قليل عنكم كما زالت عمن كان قبلكم
(١٢٤)