التي كانت واجبة على المنوب عنه، وذلك كإجارته للحج عن قبل الميت أو للصلاة عن قبله، فان جواز الإجارة مع وقوع العمل والعبادة صحيحا إجماعي فلو كان أخذ الأجرة ينافي العبادية ووقوع العمل متقربا لما وقع صحيحا.
قلت: أجيب عن هذا الاشكال بوجوه:
منها: أن أخذ الأجرة من قبيل الداعي على الداعي أي يصير داعيا على أن يأتي بالعمل بداعي أمره كما أن في باب الأمر بالمعروف رهبة وخوفا من الآمر بالمعروف لكن يكون خوفه داعيا على أن يأتي بالعمل بداعي أمره، وإلا لا يكاد بتحقق الامر بالمعروف إذا كان عبادة لأنه لو أنكرنا مسألة الداعي على الداعي فلا يقدر على إتيان المعروف بعد ما كان الداعي على الاتيان هو الخوف عن الآمر بالمعروف.
وهكذا مورد إتيان العمل العبادي رغبة في أمور دنيوية مترتبة على العبادة كسعة الرزق أو طول العمر أو الصحة والعافية وأمثال ذلك، فلو لم تكن هذه الأمور دواع على إتيان العمل بداعي أمره وكان لا يعقل لما كان العمل صحيحا والعبادة واقعة إذا أتى بأحد هذه الدواعي الدنيوية، مع أن صحتها ووقوعها على الظاهر من المسلمات، بل ورد في بعض الروايات أنه أفعل كذا إذا أردت قضاء حاجتك الفلانية مثلا.
وهذا الوجه لو تم لا اختصاص له بباب أخذ الأجرة في النيابيات بل يجرى أيضا في محل البحث أي في العبادات الواجبة على نفس الأجير.
ولكن أنت خبير بأن حديث الداعي على الداعي ليس إلا صرف عبارة. لسنا نقول إن الداعي على الداعي لا يمكن، كيف وان الداعي على الداعي في الدواعي الطولية أمر ضروري، مثلا يحفر القناة لأجل الماء ويريد الماء لأجل الزرع ويزرع لأجل تحصيل الحنطة ويريد تحصيل الحنطة لأجل قوته وقوت عياله ففي الحقيقة العلة المحركة لحفر القناة ليس إلا قوت نفسه وعياله بحيث لو كان قوته وقوت عياله حاصلا لم يقدم على الحفر أصلا.