بدوية أو مقرونة بالعلم الاجمالي، ولكن التتبع في موارد تلك الروايات والتأمل في العلة التي ذكرها الإمام عليه السلام - وهو قوله (ع): (فأي قضية أعدل من القرعة إذا فوضوا أمرهم إلى الله) - يوجب الاطمئنان بأن المراد من هذه العناوين الأربعة أو الخمسة هو المجهول والمشتبه الذي في الشبهة الموضوعية المقرونة بالعلم الاجمالي إذا كان من المشكلات والمعضلات التي لا طريق إلى إثباتها، وكان الاحتياط إما ليس بممكن، أو يوجب العسر والحرج، أو نعلم بأن الشارع ما أوجب الاحتياط فيها، ففي مثل هذا المورد شرع القرعة. ولا فرق بين أن يكون المشتبه من حقوق الله أو من حقوق الناس، ولا بين أن يكون له واقع معين في عالم الثبوت وتكون القرعة واسطة ودليلا في عالم الإثبات، أو لم يكن له واقع معين في عالم الثبوت والقرعة واسطة في الثبوت، كما في قوله: إحدى زوجاتي طالق، أو أحد عبيدي حر بناء على صحة مثل هذا الطلاق ومثل هذا العتق.
ففي مثل الغنم الموطوء المشتبه في قطيع الغنم وإن كان مقتضى القاعدة الأولية هو الاجتناب عن جميع أفراده إن لم تكن الشبهة غير محصورة، ولكن حيث نعلم بأن الشارع لم يوجب الاحتياط لأنه تضييع المال الكثير الذي لا يتحمل عادة، والمفروض أنه لا يمكن تعيين الموطوء وما هو موضوع الحكم بحرمة لحمه وسائر ما يتفرع عليه ووجوب إحراقه، فصار من المشكلات والمعضلات في الشبهة الموضوعية المقرونة بالعلم الإجمالي التي هي مورد تشريع القرعة، لأن تضمين الواطئ ليس إلا في خصوص الموطوء، لا في سائر أفراد القطيع، فالاحتياط يكون ضررا عظيما على صاحب القطيع، ولذلك لا مورد للاحتياط، ولذلك صار مشكلا ومعضلا حله بالقرعة.
ثم إن غالب موارد القرعة أي الشبهة الموضوعية المقرونة بالعلم الإجمالي التي لا يجب ولا يجوز فيها الاحتياط - وإن كان مما يمكن وقوع النزاع والمخاصمة فيه، ولذلك ترى أن الفقهاء تعرضوا لذكر القرعة في كتاب القضاء في مسألة تعارض البينات مع