فمن هذا يتولد الإشكال في موارد:
منها: قولهم بصحة الوضوء أو الغسل مع الجهل بكون استعمال الماء ضرريا ومنها: تقييدهم لخيار الغبن، وكذلك خيار العيب بجهل المغبون بالغبن وجهل المشتري بعيب المبيع.
ولكن الجواب عن هذه الإشكالات: أما في مسألة الطهارة المائية فلأن حكم الشارع ببطلان الطهارة المائية في ظرف الجهل بضرر استعمال الماء خلاف الامتنان، لأنه يوجب إعادة الوضوء والغسل، بل الأعمال المتوقفة عليهما وقد سبق أن سوق الحديث في مقام الامتنان، فلا يجرى فيما هو خلاف الامتنان.
لا يقال: حكمه بالبطلان في صورة العلم أيضا خلاف الامتنان: لأن العاقل لا يقدم على ضرر نفسه، خصوصا إذا علم أن هذا العمل لغو لا أثر له، وهذا المعنى لا يتطرق في حق الجاهل بالضرر، هذا أولا. وثانيا ما تقدم من أن مفاد لا ضرر نفى الحكم الذي يكون الضرر عنوانا ثانويا له.
وبعبارة أخرى يكون علة تامة للضرر أو يكون هو الجزء الأخير من العلة التامة للضرر، حتى يصح أن يقال إن هذا الحكم ضرري، بحيث لو لم يكن هذا الحكم لما كان المكلف واقعا في الضرر.
وفيما نحن فيه ليس الأمر كذلك، لأنه كان يقع في الضرر من جهة جهله، ولو لم يكن هذا الحكم مجعولا في ذلك الحال أي في حال جهله بالضرر، فليس الضرر ناشئا من الحكم المجعول في حال الجهل، وإلا لما كان واقعا في الضرر في فرض عدم ذلك الحكم في حال الجهل، مع أنه يقع قطعا لاعتقاده عدم الضرر، فهو يرى نفسه موضوعا وداخلا في الذي يجب عليه الوضوء أو الغسل وإن لم يكن الوجوب مجعولا في ذلك الحال، فتضرره مستند إلى فعله الناشئ عن اعتقاد عدم الضرر، ولعمري هذا واضح جدا.