عدم تعنون تلك الأفعال بعنوان الضرر. غاية الأمر ذلك التقييد والتخصيص اللبي بلسان الحكومة الواقعية تضييقا في جانب المحمول، وهذا عين الغرض والمقصود من هذه الجملة، فما أنتج هذا القول خلاف المقصود.
قلت: إن إرادة الفعل الذي صار سببا للضرر من الضرر مجاز لا يصار إليه إلا بالقرينة: لأنه من استعمال المسبب وإرادة السبب. نعم هذا صحيح فيما إذا لا يمكن إرادة نفس المسبب، فلا بد من أن يحمل على إرادة السبب، أو محملا آخر صونا للكلام عن الكذبية أو محذور آخر وقد عرفت أنه في المقام يمكن إرادة نفي نفس الضرر حقيقة بالبيان المتقدم، فلا يقاس ما نحن فيه بحديث الرفع بالنسبة إلى رفع الخطأ والنسيان، حيث حملوها على رفع الفعل الذي صدر عن خطأ ونسيان، لأن الرفع هناك لا يمكن أن يسند إلى نفس الخطأ والنسيان وإرادة نفيهما، لا تكوينا لأنه كذب، ولا تشريعا لأنه يلزم منه أن يكون الفعل الذي صدر خطأ بحكم العمد: لأن حكم الخطأ مرفوع على الفرض، وهذا عكس ما هو المقصود من حديث الرفع، من كونه في مقام الامتنان على الأمة ويكون ضد الامتنان، ومن ايقاعهم في غاية الكلفة والمشقة، فلابد من حملهما على الفعل الذي صدر نسيانا أو خطأ.
إن قلت: بناء على ما اخترت من كون مفاد الحديث نفي الحكم الذي ينشأ من قبله الضرر، أيضا كذلك يلزم أن يكون استعمال الضرر مجازا: لأنه أريد منه أيضا سببه، أي الحكم الذي يكون سببا للضرر، فيكون أيضا من استعمال المسبب وإرادة السبب.
قلت: بين المقامين فرق واضح، فإنه في الأول - أي فيما إذا كان المراد من الضرر الضرر الخارجي - لا يمكن أن يكون المراد نفي الضرر، لأنه كذب، فلابد أن يراد منه سببه، وهذا هو المجاز.