القواعد الفقهية - السيد البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٢٢٧
فيدخل في باب تعارض الضررين بل تزاحم الحقين.
فالصواب في الجواب أن يقال: إن تقديم حق الأنصاري لحفظ عرضه من جهة أهميته في نظر الشارع، كما هو الشأن في باب التزاحم من تقديم الأهم على المهم، وهو أحد المرجحات الخمسة في باب التزاحم بل أهمها.
ومنها: تطبيقه (ص) هذه الجملة على عدم جواز منع فضل الماء لمنع الكلاء لأهل البادية.
وأشكل على ذلك أيضا بأن هذا التطبيق خلاف الامتنان بالنسبة إلى مالك الماء، بل يكون ضررا عليه لسلب سلطنته ومنعه عن حقه، وهكذا الأمر في تطبيقه (ص) على الشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن، فيشكل على هذا التطبيق بعين الإشكال المتقدم وكذلك في مسألة جدار حائط الجار إذا سقط من عند نفسه فلا يجب عليه أن يبنيه، وأما إذا هدمه هو أي الجار صاحب الجدار فلا يترك ويجب عليه أن يبنيه، فذلك الإشكال - أي منع المالك عن التصرف في ماله - موجود.
والجواب عن الجميع أما في مسألة عدم جواز منع الماء، فلعله من جهة أن عدم جواز منعهم ليس من جهة حرمة المنع، بل نهي تنزيهي ومثل هذا النهي ليس منافيا لحق المالك أو لحق الأولوية التي للمانع.
ولكن هذا التوجيه بعيد، لعدم ملائمته مع كونه من قضائه (ص) بين أهل المدينة في مشارب النخل أنه لا يمنع نقع الشئ، وبين أهل البادية أنه لا يمنع فضل الماء ليمنع فضل الكلاء.
فالأولى أن يقال: قدم رفع ضرر أهل البادية ومشارب النخل لأهل المدينة لأهميته، فإن عدم تلف حيوانات أهل البادية وعدم تلف نخيل أهل المدينة كان أهم من حفظ حق الأولوية الذي كان لصاحب الماء ومالكه أو من كان أولى به، وهذا
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست