أن من سبق إلى شئ من المباحات الأصلية - فيما إذا لم يسبق إليه أحد من المسلمين - فهو أحق به بالنسبة إلى جميع التصرفات، حتى التصرفات المتوقفة على الملك - فيدل على حصول الملكية بالسبق والاستيلاء، ولو كان خاليا عن قصد التملك، ولكن الشأن في استفادة هذا المعنى من الحديث.
ويمكن أن يقال: إن إطلاق الأحقية يقتضي أحقية المطلقة، لأن ما عداها من مراتب الأحقية، وبالنسبة إلى بعض التصرفات دون بعض يحتاج إلى البيان، ففيما ليس بقابل لأن يكون ملكا - كالأوقاف العامة - نعلم بالأدلة الخارجية عدم جواز بعض التصرفات، مثل بيعها وهبتها وسائر الانتقالات المتعلقة بأعيانها، بأي عنوان وأي عقد كانت.
وأما فيما يقبل التملك فنأخذ بإطلاق الأحقية ونقول: بأن الاستيلاء على المباحات الأصلية - ولو لم يكن بقصد التملك بل كان لغرض عقلائي آخر - يوجب الأحقية المطلقة المساوقة للملكية.
ثم إنه ربما يستدل على حصول الملكية بصرف الاستيلاء واليد من غير قصد التملك بقوله عليه السلام، في موثقة يونس بن يعقوب: (ومن استولى على شئ منه فهو له) (1) بأن يقال: لا شك في أن قوله عليه السلام (فهو له) ظاهر في أنه ملك له، وقد رتب هذا الحكم على عنوان (من استولى) من دون مدخلية أي شئ.
وقد بينا أن هذا العنوان - أي عنوان الاستيلاء - عين عنوان اليد، ولكن الاستدلال بهذه الفقرة متوقف على أن تكون هذه الجملة كبرى كلية، لا أن يكون المراد منها أن استيلاء أي واحد من الرجل والمرأة على أي متاع من أمتعة البيت موجب لكونه له، وإلا إن كان كذلك فهذا حكم خاص، لخصوص الرجل والمرأة في