ففيه: أن هذا التخصيص المنافى لأصالة العموم يحتاج إلى دليل مفقود في المقام.
والإنصاف أن القدر المتيقن من الخروج عن عموم الآية تخصيصا أو تخصصا وكذلك عن عموم الحديث الشريف، هو خصوص الملكية غير المستقرة، لا مطلق الملكية التي حجر على مالكها.
ثم إنه لا يتوهم أن أمره (عليه السلام) بيع العبد الذمي الذي أسلم عند مولاه الكافر من المسلمين يدل على عدم سقوط الملكية المستقرة، وإلا كان ينعتق على مولاه الكافر، فلم يكن مجال لبيعه وإعطاء ثمنه له، لأنك قد عرفت أن هذا المقدار من الملكية الموقتة - أي بقاء إلى زمان تحقق البيع - قد خرج عن تحت العموم تخصيصا، والمخصص هو هذه الرواية، أي رواية حماد بن عيسى، فلا يبقى إشكال في البين.
ثم إنه بعد ما عرفت ما ذكرنا يظهر لك أنه لا فرق في شمول الآية والحديث الشريف بين أنواع الانتقالات بالأسباب الاختيارية إلى الكافر، فكما لا يجوز بيعه منه كذلك لا يجوز سائر الانتقالات الاختيارية بأي سبب كان، من النواقل الشرعية الاختيارية من صلح أو هبة أو وصية أو غيرها.
وأيضا ظهر لك مما ذكرنا أنه لا مجال لاستصحاب الصحة فيما إذا كان كفر المشترى مسبوقا بالإسلام، أو إسلام العبد كان مسبوقا بالكفر، لأنه مضافا إلى أن هذا الاستصحاب استصحاب تعليقي - وقد بينا عدم صحة استصحاب التعليقي في كتابنا (منتهى الأصول) (1) - لا مورد للاستصحاب ولو لم يكن من الاستصحاب التعليقي، لعدم مجال لجريان الاستصحاب الذي هو أصل عملي وإن كان تنزيليا، لوجود الأمارة على خلافه، وهي الآية والرواية.
وأما على تقدير عدم دلالة الآية والرواية على فساد البيع، أو الشك فيها، فأيضا لا مجال لاستصحاب الصحة، لحكومة أدلة عمومات صحة العقود وإطلاقاتها على هذا