والشاهد على ذلك أنه (ع) حكم في صدر هذه الرواية بأن الدرهم الذي وجده في الدار لقطة، وليس له بعد السؤال عنه أيضا بمثل هذا السؤال وأنه هل يدخل ذلك المنزل غيره وجوابه ب (نعم، كثير) مع وجود اليد في كلا الموردين، ولا فارق بينهما إلا ما ذكرنا. ولو كان يجيب في ما وجده في صندوقه أيضا ب (نعم، كثير) مثل ما أجاب في منزلة لكان حكمه عليه السلام أيضا بأنه لقطة.
واحتمال أن يكون الفرق من جهة أنه في الصورة الأولى كثرة الداخلين في ذلك المنزل كما هو المفروض، واحتمال أن يكون الدينار الذي وجده من أحدهم مانعة من حجية اليد فيها، بخلاف الصورة الثانية فإن الفرض فيها عدم وضع غيره شيئا فيه، فليس شئ مانعا عن حجيتها.
وبعبارة أوضح: اليد في الصورة الأولى سقطت عن الحجية بواسطة الأمارة على الخلاف، وهي كثرة الداخلين في ذلك المنزل غيره، فيكون احتمال أن يكون لهم أقوى من احتمال أن يكون له: لأنه أحدهم وفي عرض أحدهم، فهذا احتمال مرجوح بل خلاف المتفاهم العرفي. وعلى فرض تساوي هذين الاحتمالين أيضا تسقط عن الدلالة على اعتبارها في المقام.
وأما القول بمعارضة هذه الصحيحة بموثقة إسحاق بن عمار، عن رجل نزل في بعض بيوت مكة، فوجد فيها نحوا من سبعين درهما مدفونة، فلم يزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال عليه السلام: (يسأل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها) قلت: فإن لم يعرفوها؟ قال عليه السلام (يتصدق بها) (1) حيث حكم الإمام عليه السلام بالتصدق بها في صورة عدم معرفتهم إياها، الشاملة بإطلاقها، ما إذا كانوا شاكين أنها لهم أم لا، فليس بشئ، من جهة أنه: