مما مسته النار. الثاني: يحتمل أنه أراد غسل اليد لان الوضوء إذا أضيف إلى الطعام اقتضى غسل اليد كأمره بالوضوء قبل الطعام وبعده والتخصيص بالإبل للزهومة التي ليست في غيرها. الثالث: أنه يحمل على الاستحباب. {الخامس} شرب اللبن مطلقا وغيره غير ناقض عن أحمد في لبن الإبل روايتان. لنا: ما تقدم من الأحاديث ولأنه مشروب أشبه الماء فيتساويان حكما احتج أحمد بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن ألبان الإبل فقال: توضأ من ألبانها والجواب:
أن المحدثين طعنوا فيه وقالوا الحديث إنما ورد في اللحم فلا تعويل عليه حينئذ مع تخصيص للنص الدال على حصر الاحداث فيما عددنا. فروع:
لا فرق في عدم النقض (بين) لحم البعير وسائر أجزائه (و) غيره كالطحال والكبد والدهن والرق والكرش والمصران والسنام وعن أحمد فيه وجهان، أحدهما: أنه ينقض لان إطلاق اللحم في الحيوان يتناول الجملة وهو ضعيف لان التناول هنا مجاز فيقف على السماع خصوصا مع وجود النص الدال بالحقيقة على ما ينافيه. {السادس} الردة، وهي الاتيان بما يخرج به عن الاسلام إما نطقا أو اعتقادا أو شكا بفعل عن الاسلام لا يوجب الوضوء ولا ينقض التيمم وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه ومالك والشافعي في الوضوء وله في التيمم قولان وقال زفر: أنها تبطل التيمم وقال أحمد: أنها ينقض الوضوء والتيمم وبه قال الأوزاعي وأبو ثور. لنا: أن حصول الطهارة وزوالها حكم شرعي فيتوقف عليه وما ذكرناه من الأحاديث الدالة على حصر الاحداث وليس الردة منها، ولان الباقي بعد الفراغ من فعل الطهارة صفة كونه طاهرا لا نفس الفعل لاستحالة ذلك والكفر لا ينافيه كما في الغسل وفي الوضوء عند زفر احتج أحمد بقوله تعالى: (إن أشركت ليحبطن عملك) وبقوله: (ومن يكفر بالايمان فقد حبط علمه) ولما روي عن ابن عباس أنه قال الحدث حدثان حدث اللسان وحدث الفرج وأشدهما حدث اللسان وقال النبي صلى الله عليه وآله: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. واحتج زفر بالآيتين وبأن الردة لو قارنت التيمم منعت صحته فإذا طرأت عليه أبطلت والجامع أنها عبادة فلا يجامع الكفر والجواب عن الآيتين أنهما مشروطتان با الموافاة وقد بيناه في علم الكلام ويدل عليه قوله تعالى: (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر أولئك حبط أعمالهم) شرط في الاحباط الموت وأما حديث ابن عباس فليس بحجة أما أولا: فلانه لم ينقله عن النبي (صلى الله عليه وآله) لقوله برأيه. وأما ثانيا: فلان تسميته حدثا لا يوجب كونه ناقضا فإن كان متجدد حادث والاشتراك في الاسم لا يوجب الشركة في الحكم المعلق على أحد السببين وكلام زفر ضعيف لوقوع الفرق بين المقارنة والتقدم لعدم فقدان شرط التيمم في الأول وهو مقارنة النية والنقض بالطهارة المائية. {السابع} انشاء الشعر وكلام الفحش والكذب والغيبة والقذف غير ناقض وهو إجماع علماء الأمصار سواء كان في الصلاة أو خارجا عنها. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: الكلام ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء وما رووه عنه صلى الله عليه وآله قال: من حلف باللات فليقل لا إله الله ولم يأمر في ذلك بالوضوء ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن ميسرة قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن إنشاء الشعر هل ينقض الوضوء قال: لا ولا يعارض هذا برواية سماعة قال سألته عن نشيد الشعر هل ينقض الوضوء أو ظلم الرجل صاحبه أو الكذب؟ فقال: نعم، إلا أن يكون شعرا نصدق فيه أو يكون يسيرا من شعر الأبيات الثلاثة والأربعة فأما أن يكون من الشعر الباطل وهو ينتقض الوضوء لوجوه، أحدها: أن سماعة لم يسنده عن إمام بل قال سألته ويحتمل أن يكون المراد بعض الفقهاء. الثاني: أن سماعة واقفي والراوي عنه زرعة وهو واقفي أيضا. الثالث: أنه خبر واحد مع معارضة الاجماع فلا يسمع. الرابع: المعارضة بما قدمناه من الأحاديث الناصة على حصر الاحداث. {الثامن} حلق الشعر ونتفه وقص الأظفار لا ينقض الوضوء ولا يوجب غسل موضعه لما رواه الشيخ في الصحيح عن سعد بن عبد الله الأعرج قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) آخذ من أظفاري ومن شاربي وأحلق رأسي أفأغتسل؟ قال: ليس عليك غسل، قلت:
فأتوضأ؟ قال: ليس عليك وضوء، قلت: فامسح على أظفاري الماء؟ فقال: هو طهور ليس عليك مسحا (مسح). وروي في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) الرجل يقلم أظفاره وينجز شاربه ويأخذ من شعر لحيته ورأسه هل ينقض ذلك وضوئه؟ فقال: يا زرارة كل هذا سنة والوضوء فريضة و ليس شئ من السنة ينقض الفريضة إن ذلك ليزيده تطهيرا وروي في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون على طهر فيأخذ من أظفاره أو شعره أيعيد الوضوء قال لا ولكن يمسح رأسه وأظفاره بالماء قال قلت فإنهم يزعمون أن فيه الوضوء فقال: خاصموكم فلا تخاصموهم وقولوا هكذا السنة وأمره (عليه السلام) بالمسح بالماء للاستحباب من حيث إنه فيه إزالة وسخ إن كان. {التاسع} ما يخرج من البدن من دم أو قيح أو نخامة أو رطوبة أو صديد لا ينقض الطهارة كيف خرج كثر أو قل إلا الدماء الثلاثة وقال أبو حنيفة الدم والقيح والصديد إذا خرج عن رأس الجرح وسال نقض الطهارة وإن لم يسل لم ينقض قال ولو خرج من رأس الجرح فمسحه ثم خرج وهكذا نظر إن كان بحال لو تركه سال نقض وإلا فلا ولو أبطل رباط الجراح نقض إن نفذ البلل إلى الخارج وإلا فلا ولو كان الرباط ذا طاقين فنفذ إلى البعض نقض ولو نزل الدم إلى قصبة الانف وأنفه مسدود نقض إن كان داخل الانف يقبل التطهير ولو نزل البول إلى قصبة الذكر لم ينقض وقال زفر: ينقض سواء سال أو لم يسل وقال الشافعي: الخارج من غير القبل والدبر كالدم والبصاق وغير ذلك لا ينقض مطلقا كما قلناه وهو مذهب مالك وبه قال عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر و عبد الله بن أبي أوفى وأبو هريرة وعائشة وجابر بن عبد الله ومن التابعين سعيد بن مسيب والقسم بن محمد وعطا وطاوس وأسامة بن عبد الله بن عمر ومكحول وربيعة وأبو ثور وداود وقال الأوزاعي والثوري وإسحاق كل نحر خارج من البدن إذا سال يوجب الوضوء وقال أحمد: إن كان الدم قطرة أو قطرتين لم يوجب الوضوء وعنه رواية أخرى إذا خرج قدر ما يعفى عنه وهو قدر الشبر لم يوجب الوضوء. لنا: ما رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وآله