عن القئ والرعاف والمرة هل ينقض الوضوء قال (لا) وما رواه في الصحيح عن إبراهيم بن أبي محمود قال سألت الرضا (ع) عن القئ والرعاف والمرة أتنقض الوضوء أم لا قال: لا ينقض شيئا ولان القليل ليس بحدث وكذلك الكثير كالدمع وغيره والجامع أن غسل غير موضع النجاسة ليس بمعقول فيقتصر على مورد الشرع.
احتج أبو حنيفة بما رواه ابن جريح عن أبيه عن ابن أبي ملكة عن عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من قاء أو رعف في صلاة فلينقل عن صلاته وليتوضأ وليبني على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم أو يحدث ولأنه نجس خرج من البدن فينقض كالخارج من السبيلين والجواب عن الأول: إن الناس قد اختلفوا في الحديث فقالوا إن ابن جريح لم يرو عنه غير ابنه عبد الملك ولم تثبت عدالته وقالوا أيضا ابن جريح كان يرسله فلا يكون كان يرسله حجة ولان مالكا قال لا نص فيه ولو كان صحيحا لما ذهب علي بن مالك ولو سلم فيحمل الوضوء على غسل الفم ولأنه عام في القليل والكثير وأبو حنيفة لا يقول به ولأنه لو كان ناقضا لما جاز البناء على الصلاة. وعن الثاني: بمنع وجود العلة وسيأتي بيانه. {الثالث} القهقهة غير ناقضة للوضوء وإن أبطلت الصلاة وقال ابن الجنيد: من قهقه في صلاته متعمدا لنظر أو سماع ما أضحكه قطع صلاته وأعاد وضوئه وقال الشافعي: كما قلناه نحن وبه قال جابر وأبو موسى الأشعري ومن التابعين القسم بن محمد وعروة وعطا والزهري ومكحول وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وقال أبو حنيفة: القهقهة إن حصلت في حرمة صلاة لها ركوع وسجود انتقضت طهارته وفسدت صلاته وإن كان بعد القعود مقدار التشهد انتقض وضوئه ولم يفسد صلاته وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال زفر: لا ينقض وضوئه وإن وقعت في حرمة صلاته ليس لها ركوع ولا سجود كالجنازة وسجود التلاوة فسدت الصلاة والسجدة ولم ينقض الوضوء ولو كانت خارجة الصلاة لم ينقض الطهارة إجماعا ولو قهقه الامام والمأمومون بعد القعود آخر الصلاة مقدار التشهد انتقض وضوء هم جميعا إن سبق الامام بالقهقهة أو كانوا معا لان ضحكهم حصل في حرمة الصلاة أما لو تقدم ضحك الامام انتقض وضوئه خاصة لأنه وقع في حرمة صلاة أما ضحك القوم فقد خرج خارج الحرمة لأنهم خرجوا من حرمة الصلاة بخروج الامام ولا يفيد صلاة الامام والمأمومين في واحدة من الصور وقال الحسن والنخعي والثوري: يجب الوضوء بالقهقهة في الصلاة وعد الأوزاعي روايتان. لنا: ما رواه الجمهور عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء وما رووه عن جابر أيضا عن النبي (صلى الله عليه وآله) من تقهقه في صلاته يعيد صلاته ولا يعيد الوضوء وما رواه معاذ بن أنس ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الضاحك في صلاته والمتكلم سواء والكلام غير ناقض فكذا الضحك قضية للتسوية ومن طريق الخاصة ما قدمناه من الأحاديث الدالة على حصر الناقض في الخارج من السبيلين والنوم وما رواه محمد بن يعقوب في الحسن عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القهقهة لا ينقض الوضوء وينقض الصلاة ولأنه لو كانت حدثا في الصلاة لكانت حدثا خارج الصلاة قياسا على البول ولأنها لما لم يكن حدثا خارج الصلاة لم يكن حدثا في الصلاة لان التبسم لا ينقض إجماعا فكذا الكثير كالكلام والمشي ولأنها ليست حدثا في الجنازة فلا يكون حدثا في غيرها كالكلام والتبسم أحتج أبو حنيفة لما رواه أسامة قال بينا نصلي خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل خنزير فتردى في بئر فضحكنا منه فأمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإعادة الوضوء وإعادة الصلاة والجواب من وجهين، أحدهما: أن راوي هذا الحديث الأصلي الحسن بن دينار وهو ضعيف، الثاني: أن الراوي قال أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم ينقل لفظ الرسول فلعله توهم ما ليس بأمر لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن رهط سمعوه يقول إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء إنما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة لأنا نجيب من وجهين، أحدهما: أن الرهط لم يسندوا القول إلى إمام فلعلهم رجعوا في ذلك إلى غيره، الثاني: أنه ليس فيه دلالة على أن القهقهة ينقض الوضوء وقوله إنما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة إشارة إلى الصلاة فإن المفهوم من لفظ القطع إنما يرجع إلى الصلاة فيقال انقطعت صلاته لا الوضوء فلا يقال انقطع وضوئه. {الرابع} أكل ما مسه النار لا يوجب الوضوء وكذا لحم الإبل وقال أحمد بن حنبل: أكل لحم الإبل ناقض سواء كان نيا أو مطبوخا عالما كان أو جاهلا وهو أحد قولي الشافعي قال الخطائي وإليه ذهب عامة أهل الحديث ووافقنا على ما اخترناه مالك والشافعي وأبو حنيفة وذهب جماعة من السلف إلى إيجاب الوضوء ما أكل ما غيرته النار منهم ابن عمر وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو هريرة والحسن والزهري وذهب عامة الفقهاء والأئمة من الصحابة إلى أنه لا يوجب الوضوء بأكل ما مسته النار. لنا: ما رواه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الوضوء مما يخرج لا مما يدخل وما رواه جابر قال كان آخر الامرين مر برسول الله صلى الله عليه وآله ترك الوضوء مما مست النار وما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يتوضأ من لحوم الغنم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن بكير بن أعين قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الوضوء مما غيره النار؟ فقال: ليس عليك فيه وضوء إنما الوضوء مما يخرج ليس مما يدخل وفيه دلالة على أن أكل لحوم الجزور غير ناقض من وجوه، أحدها: جوابه بالنفي عن ماء المستوعبة. الثاني: حصره بإنما للوضوء في الخارج. الثالث: نفيه عن الداخل وما رواه الشيخ في الحسن عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) هل يتوضأ من الطعام وشرب وشرب لبن البقر والإبل والغنم وأبوالها ولحومها قال: لا يتوضأ منه ولأنه مأكول أشبه سائر المأكولات احتج أحمد بما رواه البراء بن عازب قال سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن لحوم الإبل فقال: توضأ منها والجواب من وجوه، أحدها: أنها منسوخ بخبر جابر فإنه قال آخر الامرين ترك الوضوء