عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله الماء لا يجنب (و) في قوله الماء ليس عليه جنابة وروى أحمد وابن ماجة معا أن النبي صلى الله عليه وآله اغتسل من الجنابة فرأى لمعة لم يصبها الماء فيقتصر؟
شعره عليها ولان الماء طاهر لاقى محل طاهر (محلا طاهرا) فلا يخرج عن وصف الطهارة. [المقدمة الثانية] فلما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال لقيت النبي صلى الله عليه وآله وانا جنب فانجلت؟ منه فاغتسلت ثم جئت فقال أين كنت يا أبا هريرة فقلت يا رسول الله كنت جنبا فكرهت أن أجالسك فذهبت فاغتسلت ثم جئت فقال: سبحان الله المسلم لا ينجس وأما الملازمة فظاهرة ولان المقتضى موجود والمعارض لا يصلح أن يكون معارضا وقد تقدما ولرواية حريز في الصحيح من قوله كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ. [المقام الثاني] في كونه مطهرا وهو ما ذكرناه في المستعمل في الصغرى احتج المانعون بوجوه، {أحدها} ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله:
لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يفسد فيه من جنابة ولو لم يكن نجسا لم يكن للنهي فائدة. {الثاني} رواية عبد الله بن سنان تقدمت في الوضوء. {الثالث} إنه مشكوك فيه فيجب أنه لا يجوز استعماله فالجواب عن الأول المنع من الدلالة على التنجيس فإنه قد نهى عن البول في الماء الجاري مع أنه لا ينجس لو فعل إجماعا.
وعن الثاني: بالطعن في روايتها فإن في طريقها أحمد بن هلال وهو ضعيف جدا وابن فضال وهو فطحي. وعن الثالث: بالمنع من الشك فيه ووجهه أن يقول الشك إما أن يقع في كونه طاهرا أو كونه مطهرا والأول باطل عند الشيخ والثاني أيضا باطل فإنه حكم تابع لطهارة الماء وإطلاقه وقد حصلا فأي شك ها هنا. فروع: [الأول] إذا حصل الجنب عند غدير أو قليب وخشي إن نزل فساد الماء قال الشيخ فليرش عن يمينه وأمامه وخلفه ثم يأخذ كفا كفا يغتسل به تعويلا على ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر في كتاب الجامع عن عبد الكريم عن محمد بن ميسر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألت عن الجنب ينتهي إلى الماء القليل والماء في وهدة فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟ قال: ينضح بكف بين يديه وكف خلفه وكف عن يمينه وكف عن شماله ويغتسل ورواه الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان قال حدثني صاحب لي ثقة إنه سأل أبا عبد الله (ع) وبمثله روي في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) واختلف في المراد فقيل إنه يمسح جسده بالماء ثم يغتسل فالفائدة سرعة جريان الماء عند الغسل بحيث لا يزال إلى الماء قبله وقيل يرش على الأرض في الجهات لهذه الفائدة أيضا أقول وهذا عندي على وجه الاستحباب دون الايجاب وروى الشيخ في الحسن عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إذا أتيت ماء وفيه قلة فانضح من يمينك وعن يسارك وبين يديك وتوضأ. [الثاني] متى كان على جسد المجنب والمغتسل من حيض وشبهه نجاسة عينية فالمستعمل إذا قل عن الكر نجس إجماعا بل الحكم بالطهارة إنما يكون مع الخلو من النجاسة المعينة فإذا ارتمس فيه ناويا للغسل صار الماء مستعملا وطهر الجنب وبه قال الشافعي لأنه إنما يصير مستعملا بارتفاع حدث فيه وقال أحمد يصير مستعملا ولا يرتفع حدثه لقوله (ع) لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم والنهي يقتضي الفساد والكبرى ممنوعة ولو غسل مرتبا فتساقط الماء من رأسه أم من جانبه الأيمن صار مستعملا فليس له استعمال الباقي على قول الشيخ ولو نزل فيه اثنان وارتمسا دفعة واتفقا في زمن النية طهرا ولو سبق أحدهما طهر وصار مستعملا في حق الثاني ولو غسل رأسه خارجا ثم أدخل يده في القليل ليأخذ ما يغسل به جانبه فالأقرب أن الماء يصير مستعملا ولو نوى غسل يده صار مستعملا. [الثالث] المستعمل في غسل الجنابة يجوز إزالة النجاسة به إجماعا منا لاطلاقه والمنع من رفع الحدث له عند بعض الأصحاب لا يوجب المنع من إزالة النجاسة لأنهم إنما قالوه ثم لعلة لم توجد في إزالة الخبث فإن صحت تلك العلة ظهر الفرق وبطل الالحاق وإلا حكموا بالتساوي في الباين كما قلناه نحن. [الرابع] إذا بلغ المستعمل في الكبرى كرا قال الشيخ في المبسوط زال عنه حكم المنع وتردد في الخلاف والذي أختاره تفريعا على القول بالمنع زوال المنع ها هنا لان بلوغ الكرية موجب لعدم انفعال الماء عن الملاقي وما ذلك إلا لقوته فكيف يبقى انفعاله عن ارتفاع الحدث الذي لو كان نجاسة لكانت تقديرية وفي النهاية؟ لو اغتسل في كر لما نفى؟ انفعاله لعدمه وكذا المجتمع لا يقال يرد ذلك في النجاسة العينية لأنا نقول هناك إنما حكمنا بعدم الزوال لارتفاع قوة الطهارة بخلاف المتنازع فيه. [الخامس] المستعمل في الأغسال المندوبة أو في غسل الثوب أو الآنية الطاهرين ليس بمستعمل لان الاستعمال لم يسلبه الاطلاق فيجب بقائه على التطهير للآية وقالت الحنفية كل مستعمل في غسل بني آدم على وجه القربة فهو مستعمل وما لا فلا ولو غسل يده للطعام أو من الطعام صارت مستعملا بخلاف ما لو غسل لازالته الوسخ أو لإزالة العجين من يده ولو توضأ واغتسل للتبرد قال الطحاوي: يصير مستعملا وعند أبي يوسف إنما يصير مستعملا بأحد الامرين أما بنية التقرب بإسقاط الفرض وعند محمد بنية التقرب لا غير وتظهر الفائدة في الجنب المرتمس في البئر لطلب الدلو ففي هذه الرواية عند أبي يوسف الماء بحاله والرجل بحاله وقد ذكرنا عنه أولا أن الماء نجس والرجل جنب وروى الكرخي عنه قولا ثالثا وهو أن الماء نجس والرجل طاهر ولو أن الطاهر انغمس في البئر لطلب الدلو لم يصر مستعملا اتفاقا قال محمد ولو أدخل رأسه أو خفه في إناء فيه ماء للمسح لا يجوز عن المسح ويصير مستعملا ويخرج رأسه وخفه من الماء المستعمل لا نه قصد التقرب وقال أبو يوسف يجوز المسح ولا يصير الماء مستعملا لان المسح هو الإصابة دون الإسالة والتقرب وسقوط الغرض إنما يقع بالإصابة لا بالإسالة واتفقا على أنه لو لم يقيد المسح فإنه يجوز عن المسح ولا يصير الماء مستعملا لان قصد التقرب لم يوجد عند أبي يوسف وإن سقط الغرض عن ذمته لكنه أسقط الغرض بالإصابة لا الإسالة.
[السادس] لو اغتسل من الجنابة وبقيت في العضو لمعة لم يصبها الماء فصرف البلل الذي على العضو إلى تلك اللمعة جاز أما على ما اخترناه نحن فظاهر وأما على قول الحنفية فكذلك لأنه إنما يكون مستعملا بانفصاله عن البدن وفي اشتراط استقراره في المكان خلاف عندهم وأما في الوضوء