ثم خرج لم يجب به وضوء ولا غسل ويكون حكمه حكم النجاسة الملاقية للبدن في وجوب غسل موضع الملاقاة خاصة. [السادس] من بال لا يجب عليه إلا غسل مخرج البول لا غير لأنه محل النجاسة والتعدي في الغسل إلى غيره غير معقول وهو إجماع علمائنا وروى عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا بال الرجل ولم يخرج منه شئ غيره فإنما عليه أن يغسل إحليله وحده ولا يغسل مقعدته. [السابع] أقل ما يجزي من الماء الغسلة ما أزال العين عن رأس الفرج هذا قول أبي الصلاح وقدره الشيخان بمثل ما على الحشفة. لنا: أن المنع تابع للعين وقد زالت فخرج عن العهدة استدل الشيخ بما رواه نشيط بن صالح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟ قال: مثلا ما على الحشفة من البلل. وفي طريق هذه الرواية مسروك بن عبيد ولا أعرف حاله فنحن فيها من المتوقفين ولان الاجماع واقع على الاكتفاء في الغائط بالإزالة ففي البول أولى لسرعة انفصاله لجميع أجزائه وقد روى بسيط عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يجزي من البول أن يغسله بمثله وهذا الخبر مرسل في طريقه مسروك ولا نعرفه. [الثامن] لا يجب على المرأة إدخال إصبعها في فرجها ونقل عن بعض الحنفية قول مردود عندهم وجوبه وليس بشئ لعدم الدليل وإن الباطن لا يقبل النجاسة وإلا لزم الحرج والضرر. مسألة: قال علماؤنا الاستنجاء من الغائط واجب وهو مذهب أكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة إنه سنة وليس بواجب وهو رواية عن مالك وحكى أيضا عن الزهري. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه ثلاثة أحجار فإنها تجزي عنه وقال (ع): لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار رواه مسلم وفي لفظ لقد نهانا أن نستنجي بدون ثلاثة والامر يقتضي الوجوب والاجزاء إنما يستعمل في الواجب والنهي عن الاقتصار على أقل من ثلاثة يقتضي التحريم ولان المحل لا يخلو من ملاقاة نجاسة فيجب إزالتها لتحصيل الطهور المشروط في الصلاة بقوله (عليه السلام) لا صلاة إلا بطهور ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال: يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضى مرتين مرتين وما رواه الشيخ في الحسن عن ابن المغيرة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: ينقي مأثمه والامر للوجوب وما رواه الشيخ عن مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لبعض نسائه مري نساء المؤمنين أن تستنجي بالماء فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير وروي عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) جرت السنة في اثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان ولا يغسله ويجوز أن يمسح رجله ولا يغسلها وروي في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: لا صلاة إلا بطهور وتجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأما البول فلا بد من غسله ولفظة الاجزاء يدل على الوجوب خصوصا بعد قوله " لا صلاة إلا بطهور " فإنه لما ذكر ذلك عقب بالاستنجاء كان القصد أنه من جملة الطهور وإلا لم يكن لذكر الحكم الأول فائدة وروي في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سألته عن رجل ذكر وهو في صلاته أنه لم يستنج من الخلا قال: ينصرف ويستنجي من الخلا ويعيد الصلاة وإن ذكر وقد فرغ من صلاته أجزاه ذلك ولا إعادة عليه احتج أبو حنيفة بما رواه داود عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال من استجمر فليؤثر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ولأنها نجاسة يكتفى فيها بالمسح فلم يجب إزالتها كيسير الدم والجواب عن الأول: أن نفي الحرج عائد إلى الوتر إذ هو المأمور به في الخبر ونحن نقول به. وعن الثاني: أن الاجتزاء بالمسح المشبعة الغسل لكثرة تكره (المشبهة للغسل لكثرة تكرره) في محل الاستنجاء. فروع: [الأول] إذا تعدى المخرج تعين الماء وهو أحد قولي الشافعي وإسحاق والقول الثاني للشافعي أنه: إذا تعدى إلى باطن الأليتين ولم يتجاوز إلى ظاهرهما فإنه يجزيه الحجارة فإن تجاوز ذلك وظهر على الأليتين وجب الماء عنده قولا واحدا وأما البول فإذا انتشر على ما أقبل على الثقب أجزأه الاستنجاء وإن انتشر حتى تجاوز ذلك وجب الماء فيما جاوزه وذكر صاحب الفتاوى اختلاف الحنفية فيما إذا أصاب موضع الاستنجاء أكثر من قدر الدرهم فالاستنجاء بثلاثة أحجار ولم يغسله فقال بعضهم بالطهارة ونفاه آخرون ولو كانت النجاسة في سائر الموضع أكثر من قدر الدرهم لم يجز إلا الغسل. لنا: ما رواه الجمهور عن علي (عليه السلام) أنه قال:
انكم كنتم تبعرون؟ بعيرا وأنتم اليوم تنظلون نظلا فاتبعوا الماء والأحجار ولان المتيقن لإزالة النجاسة إنما هو الماء والاستجمار في المحل المعتاد رخصة لأجل المشقة الحاصلة من تكرار الغسل مع تكرار النجاسة أما ما لا يتكرر فيه حصول النجاسة فلا يجزي فيه إلا الغسل كالساق والفخذ ومن طريق الخاصة ما رواه مسعدة بن زياد من أمر النبي صلى الله عليه وآله لنسائه بأن يأمرن النساء بالاستنجاء بالماء وقد تقدم وما رواه عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وإن خرج من مقعدته شئ ولم يبل فإنما عليه أن يغسل المقعدة والغسل حقيقة في الدلالة بالماء ولفظة " على " تدل الوجوب وما رواه الشيخ في الصحيح عن إبراهيم بن أبي محمود عن الرضا (عليه السلام) قال سمعته يقول في الاستنجاء: يغسل ما ظهر منه على الشرج ولا يدخل الأنملة إذا الامر للوجوب وروي في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا معشر الأنصار إن الله قد أحسن إليكم الثناء فما تصنعون؟ قالوا: نستنجي بالماء لا يقال ما دلت عليه هذه الآثار لا يقولون به وما يقولون به لا يدل عليه هذه الأحاديث لما بيانه أنها كما يتناول المتعدي يتناول غيره وأنتم لا تقولون به وما يقولون من التخصيص بالتعدي لا تدل عليه هذه الأخبار لأنا نقول إنها كما دلت على المطلوب وهو وجوب الغسل بالماء في المتعدي لكونه أحد أفراد العموم المستفادة من الأحاديث فهي دالة على غيره ونحن لم نتعرض الآن له فإذا أخرجناه عن إرادة المخصصات لا يلزم خروج المطلوب عن الإرادة. [الثاني] إذا لم يتعد