[المقدمة الأولى] لا خلاف بيننا أن المضاف ينجس بالملاقاة وإن كثر سواء كانت النجاسة قليلة أو كثيرة وغيره أحد أوصافه أو لم يغيره وهو إحدى الروايات عن أحمد وفي الثانية اعتبار للعلتين والثالثة ما أصله الماء كالخل التمري فكا الماء وماء الباقلا وهذه الروايات في جميع المائعات وإن كانت من غير الماء كالدهن وشبهه. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال (عليه السلام): إن كان مائعا فلا تقربوه ولم يفرق بين القليل والكثير ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة عن الباقر (عليه السلام) قال: إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فإن كان جامدا فألقها وما يليها وكل ما بقي وإن كان ذائبا فلا ولكن أبرح به ولأنها لا قوة لها على دفع النجاسة فإنها لا يطهر غيرها فلا يدفعها عن نفسها كالقليل والطريق إلى تطهيره حينئذ إلقاء كر فما زاد عليه من الماء المطلق لان بلوغ الكر به سبب لعدم الانفعال عن الملاقي وقد مازجه المضاف فاستهلكه فلم يكن مؤثرا في تنجيسه لوجود السبب ولا يمكن الإشارة إلى غير نجسه فوجب الحكم بطهارة الجميع. فرعان [الأول] لو تغير الكثير بإحدى أوصاف المضاف قال الشيخ نجس الكثير وليس بجيد. لنا: الأصل الطهارة و (عدم) انفعال الكر بالنجس وليس انفعالا بالنجاسة والمؤثر بالتنجيس إنما هو الثاني لا الأول. [الثاني] لو سلبه المضاف إطلاق الاسم (و) الأقوى حصول الطهارة وارتفاع الطهورية.
مسألة: الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر مطهر إجماعا منا وهو قول الحسن البصري والزهري والنخعي وعطا ابن أبي رياح ومكحول وأبو ثور وداود وأهل الطاهر؟ في إحدى الروايتين عن مالك وأحمد وحكاه عيسى بن أبان عن الشافعي في رده على الشافعي وحكى أبو ثور عنه أنه يوقف؟ فيه وقال محمد: إنه طاهر غير طهور وهو قول الشافعي في الحديد وبه قال الأوزاعي وأحمد في إحدى الروايتين والليث بن سعد وهو مروي عن مالك وقال أبو حنيفة إنه نجس نجاسة غليظة في رواية الحسن عنه كالدم والبول والخمر حتى أنه إذا أصاب الثوب أكثر من قدر الدرهم منع أداء الصلاة فقال أبو يوسف: إنه نجس نجاسة خفيفة حتى أنه إذا أصاب الثوب أكثر من الدرهم لم يمنع الصلاة ما لم يكن كثيرا فاحشا ورواه عن أبي حنيفة وبقول أبي يوسف أخدمت ألح ملح (إلى آخره ملخصا) ويقول محمد أحد مشايخ العراق وقال زفر: إن كان المتوضئ محدثا فهو كما قال محمد وإن كان المتوضئ غير محدث فهو كما قال طاهر وطهور و هو قول الشافعي أيضا. لنا وجوه: {أحدها} أن بلال أخرج وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فتبادر إليه الصحابة ومسحوا به وجوههم ولو كان نجسا لما فعلوا وأيضا روى الجمهور عنه صب على جابر من وضوئه ورووا أيضا عنه (ع) إنه قال: الماء لا يجنب وعنه (ع) أنه قدمت إليه امرأة من نسائه تضعه ليتوضأ منها فقالت امرأة إني غمست يدي فيها وأنا جنب وقال الماء ليس عليه جنابة وروى الجمهور عن ربيع أن النبي (صلى الله عليه وآله) مسح رأسه بفضل ماء كان في يده. {الثاني} ما رواه الأصحاب روى عبد الله بن سنان عن أبي أبي عبد الله (ع) قال: لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل وقال الماء الذي يغسل به الثوب ويغسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ به وأما الماء الذي يتوضأ به الرجل فيغسل وجهه ويده في شئ نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره ويتوضأ به وروى زرارة عن أحدهما (عليه السلام) قال: كان النبي صلى الله عليه وآله إذا توضأ أخذوا ما سقط من وضوئه فيتوضؤن به وروى حريز بن عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب وجه الاستدلال فيه من وجهين أحدهما: عموم جواز الاستعمال سواء استعمل في الوضوء أم لا. الثاني: أنه إذا لاقى النجاسة العينية كان حكمه جواز الاستعمال ما دام وصف الماء باقيا فالأولى أنه إذا رفع به الحدث مع عدم ملاقاة النجاسة جاز استعماله. {الثالث} المقتضي موجود وهو الامر باستعمال الماء المطلق والمعارض وهو الاستعمال لا يصلح أن يكون معارضا لأنه لم يخرجه عن إطلاقه وإضافته إلى الاستعمال يؤثر بغير وصف ولا بنية فيكون كإضافته إلى المحل ولأنه طاهر لاقى طاهرا فلا يخرجه عن تأدية الفرض به ثانيا: كالثوب إذا تعددت الصلاة فيه احتج أبو حنيفة وأبو يوسف بأن هذا الفعل يسمى طهارة وذلك يستدعي نجاسة المحل فشارك الذي أزيلت به نجاسة الحقيقية ولما كانت النجاسة مجتهدا فيها حقق حكمها كبول ما لا يؤكل لحمه والجواب أن وقوع لفظ الطهارة على مزيل الحدث وعلى مزيل الخبث بالاشتراك اللفظي فلا جامع بينهما ولا نسلم أن التسمية مستدعى بقية النجاسة والفرق بين مزيل الحدث والخبيث ملاقاة النجاسة العينية الصالحة للحوق حكم التنجيس فلا يتم القياس. فروع: [الأول] الماء المستعمل في المرة الثانية أو في المضمضة والاستنشاق أو التجديد عدنا طاهر بالاجماع وللشافعية وجهان، {أحدهما} ذلك لأنه لم يؤده فرضا. {والثاني} المنع لأنه مستعمل في الطهارة ومن أحمد روايتان. [الثاني] يجوز إزالة النجاسة بالوضوء عندنا وللشافعي وجهان، {أحدهما} ذلك لان للماء فعلين رفع الحدث وإزالة الخبث فإذا رفع الحدث بقي تطهير الخبث. {والثاني} المنع وهو المشهور عندهم لأنه مائع لا يزيل الحدث ولا يرفع الخبث كالمائعات وليس للماء فعلان بل فعل واحد وهو رفع أحدهما أعني النجاسة أو الحدث لا بعينه فأيهما حصل زالت طهوريته. [الثالث] لو بلغ المستعمل هذه الكثرة للشافعية فيه وجهان، {أحدهما} جواز التطهير به لان البلوغ مانع من قبول النجاسة فرفع حكم الاستعمال أولى. {والثاني} المنع لأنه مستعمل.
[الرابع] المستعمل في تعبد من غير حدث كغسل اليدين من نوم الليل طاهر مطهر وعن أحمد في الحكم الثاني روايتان {إحديهما} المنع لأنه مستعمل في طهارة تعبد أشبه المستعمل في رفع الحدث والأصل عندنا باطل. مسألة: المستعمل في رفع الحدث الأكبر كالجنابة قال الشيخان وابن بابويه:
إنه طاهر غير مطهر وقال السيد المرتضى: بأنه مطهر وقول الجمهور ها هنا كقولهم ثم إنهم لم يفصلوا بين المائين والذي أذهب إليه أنه طاهر مطهر فالبحث ها هنا في مقامين الأول إنه طاهر وذلك مجمع عليه عندنا وإن التنجيس حكم شرعي فيتوقف ثبوته على الشرع وليس في الشرع دلالة عليه ولان القول بالتنجيس مع القول بطهارة المستعمل في الوضوء مما لا يجتمعان إجماعا. والثاني: ثابت إجماعا فينتفي الأول وإلا لزم خرق الاجماع ولما رووه