حتى يصير خلا قال: لا بأس به لكن يستحب تركه لينقلب من نفسه لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) سئل عن الخمر يجعل فيها الخل فقال: لا إلا ما جاء من قبل نفسه احتج المخالف بما رووه عن أبي طلحة قال سألت رسول الله (ع) عن أيتام ورثوا خمرا فقال: اهرقها فقال أولا أخللها فقال: لا فنهى عن التخلل فدل على أنه لا يجوز وما رواه عن عمر أنه خطب فقال لا يحل خل من خمر أفسدت حتى يبدل الله إفسادها فيعيد ذلك فيطيب الخل ولأنه إذا طرح فيها الخل نجس الخل بالخمر فإذا زالت الشدة بقيت نجاسة الخل فلم يطهر. والجواب عن الأول: بأن النهي يدل على الكراهية لما قلناه. وعن الثاني: بأن عمر لم ينقله عن النبي صلى الله عليه وآله بل قاله من نفسه فاحتمل أن يكون عن اجتهاد فلا يكون حجة. وعن الثالث: بأن النجاسة في الخل إنما هي مستفادة من النجاسة الخمرية فإذا انقلبت طهرا أما لو طرح فيها شئ نجس أو كان المعتصر مشركا فالوجه أنها لا تطهر لان الانقلاب يزيل نجاسة الخمر لا غير فإن قالوا النجاسة لا يقبل التفاوت منعنا ذلك ولو نقلنا من الشمس إلى الظل أو بالعكس حتى يخلل طهر عندنا قولا واحدا وللشافعي وجهان أحدهما: الطهارة للانقلاب. والثاني: النجاسة لأنه فعل محذور ويتوصل به إلى الاستعجال ما يحل في الثاني فلا يحل كما لو نفر صيدا حتى خرج من الحرم إلى الحل. والجواب: المنع من تحريم التوصل وقد سلف. [السادس] لم أقف على قول لعلمائنا في الحشيشة المتخذة من ورق العنب والوجه أنها إن أسكرت فحكمها حكم الخمر في التحريم أما النجاسة فلا وكذا حكم ما عداه من الجامدات إذا أسكرت فإنها تكون محرمة لا نجسة أما لو جمد الخمر فإنه لا يخرج عن النجاسة إلا أن يزول عنه صفة الاسكار. [السابع] الخمر المستحيل في بواطن حبات العنب نجس لوجود المقتضي خلافا لبعض الشافعية حيث قاسوه على ما في بطن الحيوان والأصل ممنوع. * مسألة: الكفار أنجاس وهو مذهب علماؤنا أجمع سواء كانوا أهل الكتاب أو حربيين أو مرتدين وعلى أي صنف كانوا خلافا للجمهور. لنا: قوله تعالى: (إنما المشركون نجس) لا يقال إنه مصدر فلا يصح وصف الجز به إلا مع حرف التشبيه ولا دلالة فيه حينئذ لأنا نقول أنه يصح الوصف بالمصادر إذا كثرت معانيها في الذات كما يقال رجل عدل وذلك يؤيد ما قلناه وما رواه الجمهور عن أبي تغلبة قال قلت يا رسول الله إنا بأرض أهل كتاب أفنأكل في إناء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها فإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها متفق عليه وما رواه عنهم صلى الله عليه وآله قال: المؤمن ليس بنجس وتعليق الحكم على الوصف يدل على سلبه عما عداه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن فراش اليهودي والنصراني ينام عليه قال: لا بأس ولا تصل في ثيابهما ولا يأكل المسلم مع المجوسي في قصعة واحدة ولا يقعد على فراشه ولا مسجده ولا يصافحه قال وسألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق لللبس لا يدري لمن كان هل يصح للصلاة فيه قال: إن اشتراه عن مسلم فليصل فيه وإن اشتراه من نصراني فلا يصلي فيه حتى يغسله وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل صافح مجوسيا قال: يغسل يده ولا يتوضى وما رواه عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) أنه قال في مصافحة المسلم لليهودي والنصراني قال: من وراء الثياب فإن صافحك بيده فاغسل يدك وإن أسئارهم نجسة ولا موجب إلا نجاستهم و لأنهم لا ينفكون عن النجاسات فكان الكفر مظنة النجاسة فتعلق تحريم الملاقاة بهم ولان فيه إذلالهم فكان الحكم بنجاستهم مناسبا فيكون علة إذ المناسبة والاقران يوجبان التعليل احتجوا بقوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) قال صاحب المجمل قال بعض أهل اللغة الطعام البر خاصة وذكر حديث أبي سعد كما يخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله صاعا من طعام أو صاعا من كذا وقال صاحب الصحاح وربما خص اسم الطعام بالبر ولأجل ذلك ذكروا المحامل وإلا قطع في كتابيهما الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة في الوكيل لشراء الطعام هل يختص بالحنطة أو بها أو بالدقيق وعن الثاني: لعلة كان من خبر المسلمين فلا احتاج لأنه واقعة في قضية فلا يعم. فروع:
[الأول] حكم الناصب حكم الكافر لأنه ينكر ما يعلم من الدين ثبوته بالضرورة والغلاة أيضا كذلك وهل المجسمة والمشبهة كذلك الأقرب المساواة لاعتقادهم أنه تعالى جسم وقد ثبت أن كل جسم محدث. [الثاني] لو أسلم طهر إجماعا لان المقتضي للطهارة وهو الأصل موجود والمانع وهو الكفر مفقود فيثبت الحكم. [الثالث] لو باشر شيئا في حال كفره برطوبة نجسه فإذا أسلم وجب غسله. [الرابع] ثوب الكافر طاهر ما لم يعلم مباشرته له برطوبة والأفضل اجتنابه لان الأصل طهارة الثوب ولم يحصل علم المباشرة برطوبته. * مسألة: السباع كلها طاهرة وكذا غيرها من الحيوانات عدا الكلب والخنزير والكافر والناصب وهو قول أكثر علمائنا وكذا لعابها وعرقها ودمعها وسائر رطوباتها عدا ما استثنى وقد خالف جماعة من علمائنا وجماعة من الجمهور في أشياء نحن نعدها عدا ونذكر ما احتجوا به ونفسخ به احتجاجاتهم ونذكر الحق عندنا في ذلك. {الأول} الهرة طاهرة وهو مذهب علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين إلا أن أبا حنيفة قال العباس يقتضي أنها نجسة وكره الوضوء بسؤرها فإن فعل أجزأه وهو مروي عن ابن عمر ويحيى الأنصاري وأبي ليلى وقال أبو هريرة يغسل مرة أو مرتين وقال ابن المسيب وقال الحسن وابن سيرين يغسل مرة أو مرتين وقال طاوس يغسل سبعا كالكلب واعلم أن أبا حنيفة قسم الأسارى أربعة ضرب، هو نجس وهو: سؤر الكلب والخنزير والسباع كلها، وضرب هو مكروه وهو: حشرات الأرض وجوارح الطير والهر، وضرب مشكوك فيه وهو: سؤر الحمار والبغل، وضرب طاهر غير مكروه وهو: كل حيوان يؤكل لحمه. لنا: ما رواه الجمهور عن كسبة بنت كعب بن مالك وكانت تحت