هل هو دم طاهر أو نجس فالأصل الطهارة. [الخامس] في نجاسة دم رسول الله صلى الله عليه وآله إشكال ينشأ من أنه دم مسفوح ومن أن أبا طبيبة الحجام شربه ولم ينكر عليه وكذا في بوله (ع) من حيث أنه بول ومن أن أم أيمن شربته. * مسألة: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة نجس سواء كان آدميا أو غير آدمي وهو مذهب علمائنا أجمع وقد أجمع كل من يحفظ عنه العلم على نجاسة لحم غير الآدمي منه لان تحريم ما ليس بمحرم ولا فيه ضرر كالسم يدل على نجاسته أما جلده فكذلك عندنا وهو قول عامة العلماء وحكي عن الزهري أنه قال جلد الميتة لا ينجس وهو أحد وجهي الشافعية حكاه ابن القطان منهم وإنما الزهومة التي في الجلد تصير نجسة فيؤمر بالدبغ لازالتها. لنا: انه تحله الحيوان فكان ميتة فكانت نجسة كاللحم وأما الآدمي فللشافعي في تنجيسه بالموت قولان، أحدهما: التنجيس، والثاني: عدمه. لنا: انه حيوان فارقته الحياة فينجس كغيره من الحيوانات احتج بأنه يغسل فلا يكون نجسا لانتفاء الفائدة. والجواب: المنع من الملازمة ولا استبعاد في طهارة الآدمي بالغسل دون غيره من النجاسات لاختصاصه بالتكريم ولأنه معارض بأنه لو كان طاهرا لما أمر بغسله كالأعيان الطاهرة وأما غير ذي النفس السائلة فلا ينجس بالموت خلافا للشافعي في أحد قوليه وقد تقدم البحث في هذه المسألة فلا حاجة إلى إعادته وحكم أبعاض الميتة حكمها أما الصوف والشعر والوبر والعظم وما لا تحله الحياة فهي طاهرة إلا أن يكون من حيوان نجس العين كالكلب والخنزير والكافر وأطلق أبو حنيفة التطهير والشافعي التنجيس ونقل صاحب المهذب عن الشافعي رواية أنه رجع عن تنجيس الآدمي قال فاختلف أصحابنا في هذه الرواية ومنهم من لم يثبتها ومنهم من قال بتنجيس الشعر بالموت قولا واحدا لأنه متصل بالحيوان اتصال خلقه فينجس كالأعضاء منهم من جعل الرجوع عن تنجيس شعر الآدمي رجوعا عن تنجيس جميع الشعور ومنه قال بأن الشعر فيه حياة تنجس بموت الحيوان وحكي عن حماد بن أبي سلمان أنه ينجس بموت الحيوان أو يطهر بالغسل. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه ناول شعره أبا طلحة الأنصاري يقسمه من الناس وكل جزء من الحيوان ينجس بالموت فإنه ينجس بالانفصال وما رووه عنه (ع) أنه قال: لا بأس بشعر الميتة وصوفها إذا غسل ولأنه ليس الموت منجسا باعتبار ذاته بل المنجس الرطوبات السيالة والدماء ولا رطوبة في هذه الأشياء ولأنه تعالى قال: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة) وما لا تحله الحياة لا تسمى ميتا إذ الموت فقد الحياة عما من شأنه أن يكون حيا ولان الأصل الطهارة والمعارض وهو الموت ليس بثابت فثبت التطهير احتجوا بقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) وبقوله (ع): ولا تنتفعوا من الميتة بشئ ولان الشعر والصوف والقرن وما عددناه حرام لحياة الأصل فتنجس بالموت كاللحم والجواب المنع من تسمية ما ذكرناه ميتة وقد بينا وجهه مع أن التحريم المضاف إلى الأعيان إنما يتناول ما يقصد به عرفا فالمقصود هنا الأكل وإلا لزم الاجمال وقد روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله إنما حرم من الميتة أكلها مخرج قوله لا تنتفعوا من الميتة بشئ والفرق بين اللحم وما ذكرناه ظاهر لوجوب الحياة في اللحم دونه ويؤيد ما ذكرناه من طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسين بن زرارة قال قال أبو عبد الله (ع): العظم والشعر و الصوف والريش كل ذلك نابت لا يكون ميتا وما رواه عن يونس عنهم (ع) قال: خمسة أشياء ذكية مما فيها منافع الخلق الأنفحة والبيضة والصوف والشعر والوبر وما رواه عن علي بن الحسين بن رباط وعلي بن عقبة قال والشعر والصوف كله ذكي وما رواه في الصحيح عن حريز قال قال أبو عبد الله (ع) لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللبا والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شئ يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وإن أخذ به منه بعد أن يموت فاغسله وصل فيه والأقرب أنه لا يشرط الخبر نعم لو قلع وجب أن يغسل موضع الاتصال وأما العظم فقال علماؤنا أنه طاهر إلا أن يكون من غير نجسه كما قلناه لأنه لا يجد الحياة وهو قول محمد بن سيرين وغيره وعطا وطاوس والحسن وعمر بن عبد العزيز وأصحاب الرأي وقال مالك و الشافعي وأحمد وإسحاق أنه نجس وسئل فقيه العرب عن الوضوء من أبا معوج فقال: إن كان الماء يصيب تعويجه لم يجز وإن كان لا يصيب تعويجه جاز وإلا فالمعوج الذي جعل فيه المعاج. لنا: ما رواه الجمهور عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال اشتر لفاطمة قلادة من عصيب وسوارين من عاج ومن طريق الخاصة رواية الحسن بن زرارة وقد تقدمت ولأنه لا يحله الحياة فلا يحلها الموت فلا ينجس كالشعر ولان المتنجس أمثال الدماء والرطوبات بالشئ والعظم لا يوجد له ذلك احتجوا بقوله تعالى: (قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحيها الذي أنشأها أول مرة) فكانت قابلة للموت والجواب الاحياء إنما يتوجه إلى المكلف صاحب العظام. فروع: [الأول] الظفر والقرن والحافر والسن كالعظم طاهر لأنه لا يحله الحياة والقائلون بنجاسة العظم قالوا بنجاسته وفيما ساقط من قرون الوعول عند القائلين بنجاسته وقت الموت قولان أحدهما:
الطهارة وهو الصحيح لان حال الاتصال مع عدم الحياة فيه فلم ينجس بالفصل من الحيوان ولا بموت الحيوان كالشعر والآخر: النجاسة لقوله (ع) ما يقطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة قال الترمذي هو حديث حسن والجواب: المراد ما يقطع مما فيه حياة لأنه يفصله بموت ويفارقه الحياة بخلاف ما لا تحله الحياة. [الثاني] ما لا ينجس بالموت كالسمك لا بأس بعظامه وهو وفاق. [الثالث] الريش كالشعر لأنه في معناه وأما أصولهما إذا كانت رطبة ونتف من الميتة غسل فصار طاهرا لأنه ليس بميتة وقد لاقاها برطوبة وكان طاهرا في أصله نجسا باعتبار الملاقاة وقال بعض الجمهور وهو نجس وإن غسله لأنه جزء من اللحم لم يستكمل شعرا ولا ريشا والجواب التقدير صيرورته كذلك. [الرابع] شعر الآدمي إذا انفصل في حياته