رواه في الصحيح عن زرارة بن أعين قال قلت لأبي جعفر رجل وطأ على عذرة فساحت رجله فيها انتقض ذلك وضوءه وهل يجب عليه غسلها فقال:
لا يغسلها إلا أن يقذرها ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها ويصلي وما رواه ابن يعقوب في كتابه في الصحيح عن الأحول عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا قال: لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو ذلك وما رواه ابن يعقوب في الحسن عن محمد بن مسلم قال كنت مع أبي جعفر (ع) إذ مر على عذرة يابسة فوطأ عليها فأصابت ثوبه فقلت جعلت فداك قد وطيت على عذرة فأصابت ثوبك فقال: أليس هي يابسة؟ فقلت بلى، فقال: لا بأس ان الأرض يطهر بعضها بعضا وما رواه ابن يعقوب في الصحيح عن الحلبي قال نزلنا في مكان بيننا وبين المسجد زقاق قذر فدخلت على أبي عبد الله (ع) فقال أين نزلتم فقلت نزلنا في دار فلان فقال إن بينكم وبين المسجد زقاقا قذرا أو قلنا له أن بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا فقال لا بأس أن الأرض يطهر بعضها بعضا فقلت السرقين الرطب أطأ عليه قال: لا يضرك مثله ولان الخف والنعل لا ينفكان عن ملاقاة النجاسة فلو افتقر باقي إزالتهما عنهما على الماء كان حرجا والتراب من طبعه إحالة ما يلاقيه فإذا زالت العين أزالت النجاسة احتج الشافعي ومحمد بأن النبي صلى الله عليه وآله قال في نعليه أن فيها قذر وبان مدة عين تنجست بإصابة النجاسة فلا يطهر بغير الغسل كغيرها من الأعيان والدلك لا يذهب جميع أجزاء النجاسة واحتج أبو حنيفة على الفرق بأن الجلد صلب لا من شرب كثير النجاسة فيبقى الرطوبة على ظاهره فإذا جفت النجاسة عادت الرطوبة إلى جرمها ويزول لزواله ولا كذلك الرطب والجواب عن الأول: أنه (ع) لم يعلم بقدرهما فلم يدلكها حتى أخبره جبرئيل (ع) بأنها قذرة فنزعهما. وعن الثاني: أنه قياس في معرض النص فلا يكون مقبلا وأيضا فالفرق ظاهر بلزوم المشقة إذ الغالب ملاقاة النجاسة وكان الانسان دائما لا ينفك عن الغسل وعن الثالث: ان فعل التراب في الإزالة واحد في البابين ولان الروايات ظاهر العموم والعمل بها. فروع: [الأول] قال بعض أصحابنا ان أسفل القدم حكمه حكم الخف والنعل ويدل عليه رواية زرارة وعندي فيه توقف.
[الثاني] لو دلكهما قبل جفاف النجاسة أو بعدها استويا إذ زالت العين عملا بمطلق الروايات خلافا لبعض الجمهور. [الثالث] الدلك مطهر خلافا لبعض الجمهور لرواية أبي هريرة ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم والحلبي. * مسألة: الجسم الصيقل كالسيف و المرآة وشبههما إذا لاقته نجاسة قال السيد المرتضى تطهر بالمسح المزيل للعين وبه قال أبو حنيفة قال الشيخ ولست أعرف به أثرا والظاهر أنه لا يطهر إلا بالغسل بالماء وبه قال الشافعي والأقرب عندي ما قاله الشيخ لقوله تعالى: (فأنزل من السماء ماء ليطهركم به) فلو كان غيره مطهرا لكان التخصيص في معرض الامتنان منافيا للغرض ولان حصول النجاسة معلوم فيفتقر في زوال حكمها إلى دليل احتج السيد المرتضى بإن المسح يزيل عين النجاسة والحكم بالتنجيس تابع ويرتفع بارتفاع المتبوع. والجواب: ان المسح إنما يزيل عين النجاسة الطاهرة أما الاجزاء الملاصقة فلا ولان النجاسة الرطبة يتعدى حكمها إلى الملاقي ولا تطهر بزوالها. * مسألة: الأعيان النجسة إذا استحالت فقد تطهر في مواضع قد وقع الاتفاق على بعضها ونحن نعدها ها هنا. {الأول} الخمر إذا انقلب طهر إجماعا وقد تقدم البحث فيه. {الثاني} جلود الميتة إذا دبغت قال بعض الجمهور انها تطهر واتفق علمائنا إلا ابن الجنيد على خلافه وسيأتي. {الثالث} النطفة والعلقة إذا تكونتا إنسانا طهرتا إجماعا من القائلين بالتنجيس وكذا الدم إذا صار قيحا أو صديدا عند علمائنا. {الرابع} إذ وقع الخنزير وشبهه في ملاحة فاستحال ملحا والعذرة في البئر فاستحالت حماة لم تطهر وهو قول أكثر أهل العلم خلافا لأبي حنيفة. لنا: ان النجاسة قائمة بالاجزاء بالصفات والاجزاء باقية ومغايرة لا يخرجها عن الذاتية ولان نجاستها لم تحصل بالاستحالة فلا تزول بها واحتج بالقياس على الخمر والجواب الفرق بينهما بما ذكرناه من حصول نجاستها بالاستحالة دون ما نحن فيه. [الخامس] الأعيان النجسة إذا أحرقت بالنار وصارت رمادا طهرت قاله الشيخ وهو مذهب أبي حنيفة وخالف فيه الشافعي وأحمد. لنا:
على الطهارة ما رواه حسن بن محبوب قال سألته أبا الحسن (ع) عن الجص يوقد عليه عذرة وعظام الموتى ويجصص المسجد ويسجد عليه فكتب إلي بخطه ان الماء والنار قد طهراه وفي الاستدلال بهذه إشكال من وجهين، أحدهما: ان الماء الممازج هو الذي يحل به وغير ذلك غير مطهر إجماعا.
الثاني: انه حكم بنجاسة الجص ثم بتطهيره وفي نجاسته بدخان الأعيان النجسة إشكال والأقرب أن يقال النار أقوى إحالة من الماء فلكما أنه مطهر فالنار أولى لان الناس بأسرهم لم يحكموا بنجاسة الرماد إذ لا يتوقعون منه ولو كان نجسا لتوقوا منه قطعا. [السادس] قال الشيخ اللبن المضروب من الطين النجس إذا طبخ آجرا وعمل خزفا طهرته النار واستدل بالحديث الأول وفيه إشكال وقال الشافعي لا تطهره بذلك [السابع] لو استحال دبس النجس إلى الخل لم يطهر لاختصاص التطهير بالاستحالة بنجاسة الخمرية. [الثامن] لو صارت الأعيان النجسة ترابا فالأقرب الطهارة لان الحكم معلق على الاسم ويزول بزواله ولقوله (ع) التراب طهور المسلم جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا. [التاسع] العجين إذا كان ماؤه نجسا لم تطهر النار إلا بصيرورته رمادا ولا يجوز أكله وقال الشيخ في موضع من النهاية ان النار قد طهرته وفي موضع آخر انها لا تطهره. لنا: ما رواه الشيخ عن زكريا ابن آدم قال قلت لأبي الحسن (ع) فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم قال فقال فسد قلت أبيعه من اليهود من اليهود والنصارى وأبين لهم قال نعم فإنه يستحلون شربه فلو كانت النار تطهره لبينه له وما رواه