قوله تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس) والرجس في اللغة النجس قال صاحب الصحاح والمجمل معنى الرجس بالكسر القذر وانما حرم على الاطلاق كان نجسا كالدم والبول ولأنه تعالى قال: (فاجتنبوا) وهذا أمر يقتضى الوجوب فيحمل على جميع معاني الاجتناب من عدم أكله وملاقاته و تطهير المحل بإزالته عنه وإلا لما كان مجتنبا ولا معنى النجس إلا ذلك وما رواه الشيخ في الموثق عن مصدق بن صدقة عن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: ولا يصل في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى يغسل وما رواه عن يونس عن بعض من رواه عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله إن عرفت موضعه وإن لم تعرفه موضعه فاغسله كله فإن صليت فيه فأعد صلاتك وما رواه عن خبران الخادم قال كتبت إلى الرجل (ع) أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير يصلى فيه أم لا فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه فكتب: لا تصل فيه فإنه نجس وما رواه عن زكريا ابن آدم قال سألت أبا الحسن عن قطرة خمر ونبيذ مسكران قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير قال يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب واللحم اغسله كله وقلت فإنه قطر فيه الدم قال: الدم يأكله النار إن شاء الله قلت فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم قال فقال فسد قلت أبيعه من اليهودي والنصراني وأبين لهم قال: نعم فإنهم يستحلون شربه قلت والفقاع هو بتلك المنزلة إذا قطر في شئ من ذلك قال فقال: أكره أن أكله إذا قطر في شئ من طعامي وما رواه في الحسن عن علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن (ع) جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في الخمر يصيب ثوب الرجل أيهما قالا لا بأس أن يصلي فيه إنما حرم شربها وعن زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: إذا أصاب ثوبك خمرا ونبيذ يعني المسكر فاغسله إن عرفت موضعه وإن لم تعرف موضعه فاغسله وإن صليت فيه فأعد صلاتك فاعلمني ما أخذ به فوقع بخطه (ع) وقرأته خذ بقول أبي عبد الله (ع) بالأخذ بقول أبي عبد الله (ع) بإنفراده فدل على أن الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) لم تصح عنده وإلا لكان امتثال أمرهما أولى احتج المخالف بالاستصحاب فإن كان عصيرا طاهرا وبما رواه الشيخ عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله (ع) أصاب ثوبي نبيذا صلى فيه قال نعم قلت قطرة من نبيذ في حب أشرب منه قال: نعم ان أصل النبيذ حلال وإن أصل الخمر حرام وما رواه عن الحسن بن أبي سارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) إن أصاب ثوبي شئ من الخمر أصلي فيه قبل أن أغسله قال لا بأس أن الثوب لا مسكر وما رواه عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال سأل وأنا عنده عن المسكر والنبيذ يصيب الثوب قال: لا بأس وما رواه حسن بن أبي سارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) إنا نخالط اليهود والنصارى والمجوس وندخل عليهم وهم يأكلون ويشربون فيمر ساقيهم فيصيب على ثيابي الخمر فقال: لا بأس به إلا أن تشتهي أن تغسله لاثره وعن الحسين بن موسى الخياط قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يشرب الخمر ثم؟ يتجه؟ من فيه فيصيب ثوبي فقال لا بأس والجواب عن الأول: بان الاستصحاب إنما يكون دليلا ما لم يظهر مناف والأدلة التي ذكرناها تزيل حكم الاستصحاب وعن الاخبار الطعن في سندها وباحتمال إرادة المجاز فإن العصير قد يسمى خمرا لأنه يؤل إليه فيحمل عليه جمعا بين الأدلة ويحتمل إن رفع البأس إنما هو عن اللبس لا عن الصلاة فيه والأخير لا احتجاج به لان البصاق عندنا طاهر. فروع: [الأول] أجمع علمائنا على أن حكم الفقاع حكم الخمر ويؤيده ما تقدم من الأحاديث وما رواه الشيخ عن أبي جميلة البصري قال كنت مع يونس ببغداد وأنا أمشي معه في السوق ففتح صاحب الفقاع فقاعه فعصر فأصاب ثوب يونس فرأيته قد اغتم انه لك حتى زالت الشمس فقلت له يا أبا محمد ألا تصلي فقال لي ليس أريد أصلي ارجع إلى البيت واغسل هذا الخمر من ثوبي فقلت له هذا رأي رأيته أو شئ ترويه فقال أخبرني هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الفقاع فقال (لا تشربه) فإنه خمر مجهول فإذا أصاب ثوبك فاغسله. [الثاني] بصاق شارب الخمر طاهر ما لم يكن متلوثا بالنجاسة لرواية الحسين بن موسى الخياط وما رواه الشيخ عن عبد الحميد بن أبي الديلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل شرب الخمر فبصق فأصاب ثوبي من بصاقه فقال ليس بشئ ولأنه ليس بخمر وإنما هو رطوبة منفصلة من الانسان والبواطن لا تقبل النجاسة. [الثالث] كل مسكر حكمه حكم الخمر وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة كل المسكرات طاهرة إلا الخمر. لنا: ما رواه الجمهور عن عمرو بن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر حرام وكل مسكر خمر وما رواه عن عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما ترى في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتى تذهب عاديته ويذهب سكره؟ فقال:
لا والله ولا قطرة قطرت في حب إلا أهريق ذلك الحب. وما رواه في الصحيح عن علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي (ع) قال: إن الله لم يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها فما فعل فعل الخمر فهو خمر ولأنه مسكر فأشبه الخمر بالنجاسة. [الرابع] حكم العصير إذا غلى واشتد حكم الخمر ما لم يذهب ثلثاه.
[الخامس] الخمر إذا انقلب بنفسه طهر وهو قول علماء الاسلام لان المقتضي للتحريم والنجاسة صفة الخمرية فقد زالت وأما إذا طرح أيما شئ طاهر فانقلب خلا طهر عند علمائنا خلافا للشافعي. لنا: حصول المقتضي وهو الأصل في زوال المائع فيحصل الحكم وهو الطهارة وما رواه الشيخ في الموثق عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال في الرجل إذا باع عصير فحبسه السلطان حتى صار خمرا فجعله صاحبه خلا فقال إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس به وما رواه في الصحيح عن جميل قال قلت لأبي عبد الله (ع) يكون لي على الرجل الدراهم فيعطيني بها خمرا فقال: خذها ثم أفسدها، قال على واجعلها خلا وما رواه في الصحيح عن عبد العزيز بن مهتدي قال كتبت إلى الرضا (ع) جعلت فداك فذاك العصير يصير خمرا فيصب عليه الخل وشئ يغيره