فهو طاهر على قول علمائنا وأكثر الجمهور خلافا للشافعي. لنا: ما رواه مسلم وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وآله فرق شعره بين أصحابه قال أنس لما رمى النبي صلى الله عليه وآله ونجر نسكه ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر قال احلق فحلقه وأعطاه أبا طلحة فقال اقسمه بين الناس ولو كان نجسا لما ساغ هذا مع علمه بأنهم يأخذونه للبركة ويحملونه معهم وما كان طاهرا من النبي صلى الله عليه وآله كان طاهرا من غيره كسائره ولأنه متصله طاهر فمنفصله كذلك كشعر الحيوانات كلها احتج الشافعي بأنه جزء من الآدمي انفصل في حياته فكان نجسا كعضوه. والجواب: الفرق بحلول الحياة وعدمها وللشافعي في شعر النبي صلى الله عليه وآله وجهان واما شعر غيره مما هو غير نجس العين فإنه طاهر عندنا وقال الشافعي إن كان الحيوان غير مأكول كان نجسا وإن كان مأكولا وجز كان طاهرا لان الجز كالذكاة ولو نتف فوجهان أحدهما:
التنجيس لأنه ترك طريق تطهيره وهو الجز وكان كما لو خنق الشاة. [الخامس] حكم أجزاء الميتة مما تحله الحياة حكمها لوجود معنى الموت فيها سوى أخذت من حي أو ميت لوجود المعنى في الحالين. [السادس] الوزغ لا ينجس بالموت لأنه لا نفس له سائلة وخالف فيه بعض الجمهور واحتج عليه بما روي عن علي (ع) أنه كان يقول: إذا ماتت الوزغة أو الفأرة في الحب فصب ما فيه وإذا ماتت في بئر فانزعها حتى تغلبك والجواب: أنه مع صحة هذه الرواية إنما أمر بذلك من حيث الصب ويدل عليه ما رواه الخاصة في أخبارهم روى الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) سئل عن العصابة يقع في اللبن قال: يحرم اللبن وقال إن فيها السم فالتعليل يشعر بما قلناه. [السابع] اختلف علماؤنا في شعر الكلب والخنزير فقال الأكثر أنه نجس وهو قول أكثر الجمهور وقال السيد المرتضى في المسائل الناصرية أنه طاهر سواء كانا حيين أو ميتين. لنا: قوله تعالى:
(أو لحم خنزير فإنه نجس) والضمير عائد إلى أقرب المذكورين والرجس هو النجس والشعر كالجزء منه وما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضل بن أبي العباس قال سألت أبا عبد الله (ع) عن فضل الهر والشاة إلى أن قال حتى انتهيت إلى الكلب فقال: رجس واحتج السيد المرتضى بأنه لا تحله الحياة فلا يكون نجسا لأنه إنما يكون من جملة الكلب والخنزير إذا كانت محللا لها. والجواب: المنع من ذلك قال الشيخ في النهاية لا يجوز أن يستعمل بشعر الخنزير مع الاختيار فإن اضطر فليستعمل منه ما لم يكن بقي فيه رسم ويغسل يده عند حضور الصلاة وروى الشيخ عن الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال قلت فشعر الخنزير يعمل حبلا يستقى من البئر الذي يشرب منها ويتوضأ منها فقال لا بأس وفي الطريق ابن فضال وفيه ضعف ولأنه لا يلزم من ذلك ملامسته بالرطوبة وإن كان الأغلب ذلك فيحمل على النادر جمعا بين الأدلة. [الثامن] روى الشيخ عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن مس عظم الميت قال إذا جرى سنة ليس به بأس وفي التقييد بالسنة نظر ويمكن أن يقال العظم لا ينفك من بقايا الاجزاء وملاقاة الاجزاء الميتة بنجسة وإن لم يكن رطبة أما إذا جرت عليه سنة فإن الاجزاء الميتة تزول عنه ويبقى العظم خاصة وهو ليس بنجس إلا من نجس العين. [التاسع] المشهور عند علمائنا أن اللبن من الميتة المأكولة اللحم بالذكاة نجس وقال بعضهم هو طاهر والأول قول مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد والثاني مذهب أبي حنيفة والرواية الضعيفة عن أحمد وهو قول داود.
لنا: على التنجيس أنه مائع في وعاء نجس فكان نجسا كما لو احتلب في وعاء نجس ولأنه لو أصاب الميتة بعد حلبه نجس وكذا لو انفصل قبله لان الملاقاة ثابتة في الثانية احتج أبو حنيفة بما روي أن الصحابة أكلوا الجبن إلى دخل المدائن وهو إنما يعمل في الأنفحة وهو بمنزلة اللبن وذبائحهم ميتة واحتج الأصحاب بما رواه الشيخ في حديث محمد بن مسلم وقد سبق وبما رووه عن يونس عنهم (عل) قال ولا بأس بأكل الجبن كله ما عمله المسلم أو غيره وما رواه عن الحسين من زرارة قال كنت عند أبي عبد الله (ع) وأبي يسأله عن الشئ من الميتة والأنفحة من الميتة واللبن من الميتة والبيضة من الميتة فقال: كل هذا ذكر وما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الأنفحة تخرج من الجدي الميت قال لا بأس به قلت اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت قال: لا بأس به. والجواب عن الأول: بالفرق بين الأنفحة واللبن بالحاجة وأما الأحاديث التي رواها الأصحاب فهي معارضة بما ذكرناه وما رواه الشيخ عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن (ع) قال كتبت إليه أسأله عن جلود الميتة فكتب لا ينفع من الميتة باهاب ولا عصب وكل ما كان السخال من الصوف وإن جز الشعر والوبر والأنفحة والقرن ولا يتعدى إلى غيرها إن شاء الله ولم يذكر اللبن وبما رواه عن وهب عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا (ع) سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال علي (ع): ذلك الحرام محضا قال الشيخ هذه رواية شاذة ولم يروها غير وهب بن وهب وهو ضعيف جدا بين أصحاب الحديث وإن كان صحيحا حمل على التقية لأنه موافق لمذهب العامة أنهم يحرمون كل شئ من الميتة أما لبن الحي فإن كان الحيوان طاهرا كان لبنه طاهرا وإلا فلا ثم إن كان مأكولا كان شرب لبنه جائزا وإلا فلا. وقال الشافعي ان لبن غير المأكول نجس كلي والجواب: المنع من نجاسة لحمه بعد التذكية وعلى تقدير طهارته عنده هل يحل شربه وجهان.
[العاشر] الأنفحة من الميتة طاهرة وهو قول علمائنا وأبي حنيفة وداود خلافا للشافعي وأحمد. لنا: ما تقدم من الأحاديث ومن طريق الجمهور والأصحاب احتج المخالف بأنها جزء الميتة وكانت نجسة والجواب: أنها مخصوصة بالأحاديث لمكان الضرورة ولان الحاجة ما يشتبه إلى استعمالها فكان القول بطهارتها مناسبا للحكم بخلاف أجزاء الميتة. [الحادي عشر] البيضة من الدجاج الميتة طاهرة إن أكسيت الجلد الصلب