الأصل في رطوبة فرج المرأة الطهارة لأنه ليس بمني وعن الجمهور قولان، أحدهما: أنه نجس لأنه في الفرج لا يخلق منه الولد فأشبه المذي. والثاني:
الطهارة لان عائشة كانت تفرك المني من ثوب رسول الله (ص) وهو من جماع فإنه ما احتلم نبي قط وهو يلاقى رطوبة الفرج وقال بعضهم ما أصاب منه في حال الجماع (فهو) وهو نجس لأنه لا يسلم من المذي وهو نجس. * مسألة قال علماؤنا: الدم المسفوح من كل حيوان ذي نفس سائلة أي يكون خارجا يدفع من عرق نجس وهو مذهب علماء الاسلام لقوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس) وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال لعمار بن ياسر (ره): إنما تغسل ثوبك من الغائط والبول والدم والمني. ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شئ من مني فعلمت أثره إن أصبت له الماء وحضرت الصلاة ونسيت أن بثوبي منيا وصليت ثم ذكرت بعد ذلك قال: تعيد الصلاة وتغسله. وما رواه في الموثق عن عمار الساباطي قال سأل أبو عبد الله (ع) عن رجل يسيل من أنفه الدم فهل عليه أن يغسل باطنه حتى جوف الانف فقال: إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه وما رواه في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قلت فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعد ما صلى أيعيد صلاته قال: يغسله ولا يعيد صلاته إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة. فروع: [الأول] دم ما لا نفس له سائلة كالبق والبراغيث والذباب ونحوه طاهر هو مذهب علمائنا وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل ورخص في دم البراغيث عطا وطاوس والحسن والشعبي والحكم وحبيب بن أبي ثابت وحماد وإسحاق وقال مالك: في دم البراغيث إذا تفاحش غسل وإن لم يتفاحش لا بأس به وروي عن أبي حنيفة: أن دم ما لا نفس له سائلة إن كثر غسل و هو قول أبي سعيد الإصطخري من الشافعية وقال الشافعي: ان دم ما لا نفس له سائلة نجس. لنا: قوله تعالى: (أو دما مسفوحا) وهذا ليس بمسفوح فلا يكون نجسا وقوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وهذا حرج ولأنه ليس بأكثر من الميتة وميتته طاهرة ولأنه ليس بمسفوح فلا يكون نجسا كالدم في العروق بعد الذكوة ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له ما تقول في دم البراغيث فقال: ليس به بأس قال قلت إن يكثر قال: وإن كثر. وما رواه في الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه من ذلك في الصلاة فقال: لا وإن كثر وما رواه عن محمد بن زياد قال كتبت إلى الرجل (ع) هل يجري دم البق مجرى دم البراغيث؟
وهل يجوز لاحد أن يقيس بدم البق على البراغيث فيصلي فيه وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به؟ فوقع (ع): يجوز الصلاة والطهر منه أفضل ويلحق بذلك الدم المتخلف في اللحم المذكى إذا لم يعلفه الحيوان لأنه ليس بمسفوح. [الثاني] دم السمك طاهر وهو مذهب علمائنا لأنه ليس له نفس سائلة وبه قال أبو حنيفة وللشافعي وأحمد قولان، أحدهما: التنجيس وهو قول أبي ثور. لنا: قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه) والتحليل يقتضي الإباحة من جميع الوجوه وذلك يستلزم الطهارة وقوله تعالى: (دما مسفوحا) ودم السمك ليس بمسفوح فلا يكون محرما فلا يكون نجسا ولأنه لو كان نجسا لتوقعت إباحته على سفحه كالحيوان البري ولأنه لو ترك صار ماء احتجوا بقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم) ولأنه مسفوح فدخل تحت قوله تعالى: (أو دما مسفوحا) والجواب عن الآية الأولى المراد إنما هو المسفوح ويدل عليه التقييد في الآية الأخرى ولان الميتة مقيدة به أيضا ولأنه ليس من ألفاظ العموم فيحمل على المسفوح توفيقا بين الأدلة. وعن الثاني: بالمنع من كونه مسفوحا إذ المراد منه عرق يخرج الدم منه بقوة لا رسخا كالسمك ويدل على ما ذكرناه أيضا ما رواه الشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) ان عليا (ع) كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرجل يعني دم السمك. [الثالث] قال الشيخ الصديد و القيح طاهران خلافا للجمهور فإنهم قالوا بنجاستهما وقال بعضهم بطهارتهما والحق ما قاله الشيخ في القيح. لنا: ليس بدم قال صاحب الصحاح القيح المدة لا يخالطها دم الأصل الطهارة فثبت المقتضي وانتفى المانع فثبت الحكم ويؤيده ما رواه الجمهور من حديث عمار رواه الصديد فهو ماء الجرح المختلط بالدم قبل أن يغلظ المدة ذكر صاحب الصحاح قال بعض الجمهور أنه طاهر أيضا قال إسماعيل السراج رأيت إزار مجاهد قد يبست من الصديد والدم من قروح كانت بساقيه واعتبر بعضهم النتن فقال إن كانت له رائحة فهو نجس وإلا فلا. لنا: انه ليس بدم فلا يجب غسله بحديث عمار ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن الجرح يخرج به القروح فلا يزال تدمي كيف يصلي فقال: يصلي وإن كانت الدماء تسيل وعن ليث المرادي قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوة دما وقيحا فقال: يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شئ عليه وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قلت له الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه فيسيل منه الدم والقيح فيصيب ثوبي؟ فقال: دعه فلا يضرك إلا بغسله ولان الأصل الطهارة والاستدلال بالأحاديث المذكورة ضعيف إذ ليس محل النزاع وعندي فيه تردد لما ذكره صاحب الصحاح احتجوا بأنه مستحيل من الدم فكان نجسا والجواب ينتقض لما ذكره بالمني فإنه طاهر عندهم وباللحم والعظم وما أشبه ذلك مما أصله الدم. [الرابع] لو أشتبه الدم المرئي في الثوب