أكثر من ذلك وعن عبد الأعلى بن أعين قال سألت أبا عبد الله (ع) عن أبوال الحمير والبغال قال: اغسل ثوبك قال قلت فأرواثهما قال: هو أكثر من ذلك لأنا نقول أنهما محمولتان على الاستحباب على أن سندها لا يخلو من قول. [الثاني] خرؤ ما لا يؤكل لحمه من سباع الطير كالبازي والصقر نجس وكذلك غير سباعه فقال الشيخ انه طاهر وكذا قال ابن بابويه واحتجا برواية أبي بصير وهي حسنة وقال أبو حنيفة انه نجس نجاسة حقيقية وقال أبو يوسف ومحمد نجاسة غليظة قال أبو حنيفة فيه ضرورة لأنها تذرق من الهواء فلا يمكن التجافي عنه فيخفف حكمه وقال أبو يوسف ومحمد أنه لا يعم به البلوى لأنه لا يكثر أصابته ونقل الكرخي عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه طاهر وعن محمد أنه نجس نجاسة غليظة. [الثالث] خرؤ ما يؤكل لحمه من الطيور طاهر عندنا واستثنى بعض علمائنا الدجاج وهو مذهب الحنفية واستثنوا مع الدجاج الإوزة والبط وقال الشافعي أنه نجس سواء كان من الحمام والعصافير أو غيرهما. لنا: ما رواه الجمهور في حديث عمار إنما يغسل الثوب من المني والدم والبول وما رواه عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وآله: ما أكل لحمه فلا بأس ببوله وسلخه وذلك عام في الطيور وغيرها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال: كلما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه ولان الناس أجمعوا على إمساك الحمام في المساجد مع وجوب تطهير المساجد احتج الشافعي بأنه يستحيل إلى نتن وفساد فأشبه غير مأكول اللحم. والجواب: الأنتن فيه وفساده بمنزلة فساد النخامة وخبثها وذلك غير دال على النجاسة وأما استثناء الدجاج فشئ ذهب إليه الشيخ في بعض كتبه والمفيد وقال ابن بابويه: ولا بأس بخرؤ الدجاجة والحمامة تصيب الثوب واحتج الشيخ بما رواه عن فارس قال كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج يجوز الصلاة فيه فكتب: لا وفارس لم يسندها إلى الامام فلا تعويل عليها والحق عندي ما ذكر ابن بابويه وقد ذهب إليه الشيخ أيضا في الاستبصار واستدل عليه فيه بما رواه عن وهب عن جعفر عن أبيه (ع) أنه قال: لا بأس بخرؤ الدجاج والحمام يصيب الثوب وما دل الرواية الأولى يحملها على الجلال منه أو على الاستحباب أو على التقية احتج أبو حنيفة على التنجيس مطلقا بأن فيه نتنا وفسادا فأشبه رجيع الآدمي. والجواب: العلة مكسورة لان كل واحد من الوصفين قد وجد بدون الحكم. [الرابع] لو كان الدجاج والحمام جلالا كان ذرقهما نجسا لأنه حينئذ غير مأكول اللحم ولو كان الحيوان غير ذي نفس سائلة كان رجيعه طاهر. [الخامس] لو تناول ما لا يؤكل لحمه الحب وخرج من بطنه صحيحا فإن كانت الصلابة باقية بحيث لو ذرع نبت لم يكن نجسا بل يجب غسل ظاهره لعدم تغيره إلى فساد فصار كما لو ابتلع نواه وإن كانت قد زالت صلابته فهو نجس. [السادس] الحب إذا نبت في النجاسة كان طاهرا لأنه فرع الحب لكن يجب غسل ما لاقيه النجاسة رطبا منه وكذا الشجرة إذا سقيت ماء نجسا فالثمرة والأغصان والأوراق طاهرة ولا نعلم فيه خلافا. [السابع] روث السمك عندنا طاهر لأنه مأكول اللحم ولأنه لا نفس سائلة ولو كان في البحر حيوان له نفس سائلة كان حراما وكان روثه نجسا وعند الشافعي ان روث السمك نجس لأنه غذا مستحيل إلى فساد وفيه وجه آخر أنه طاهر وكذا حكم الجراد وأما سائر الحشرات فإنها تبني على نجاسة ميتها عنده فإن قال بنجاستها فكذا رجيعهما وإلا فلا. * مسألة: قال علماؤنا المني نجس وهو قول مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي وإحدى الروايتين عن أحمد وبه قال الشافعي في القديم وقال في الجديد هو طاهر وهو الرواية الشهيرة عن أحمد وهو قول سعد بن أبي وقاص وابن عمر وقال ابن عباس امسحه عنك بإذخرة أو خرقه ولا تغسله إن شئت وقال ابن المسيب إذا صلى فيه لم يعد وهو قول أبي ثور وحكى الطحاوي عن الحسن بن صالح بن حي أنه قال: يعيد الصلاة من المني في البدن وإن قل ولا يعيدهما من المني في الثوب. لنا:
قوله تعالى: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عليكم رجز الشيطان) قال أهل التفسير المراد بذلك أثر الاحتلام واستدل المرتضى بهذه الآية في المسائل الناصرية لوجه آخر وهو أن الرجز والرجس والنجس بمعنى واحد لقوله تعالى: (والرجز فاهجر) وأراد به عبادة الأوثان فعبر عنها تارة بالرجز وآخر بالرجس فاتحد معناهما وإذا سمى الله تعالى المني رجسا ثبت نجاسته ولأنه تعالى أطلق اسم التطهير ولا يراد شرعا إلا في إزالة النجاسة أو غسل الأعضاء الأربعة وما رواه الجمهور عن عمار بن ياسر (ره) أن النبي صلى الله عليه وآله قال له حين رآه يغسل ثوبه من النجاسة:
ما نخامتك ودموع عينيك والماء الذي في ركوتك الا سواء وإنما يغسل الثوب من خمس البول، والغائط، والدم، والقئ، والمني وما رواه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله قال: سبعة يغسل الثوب منها: البول، والمني وما رووه عن عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله قالت: ثم رأى فيه بقعة أو بقعا وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله في المني يصيب الثوب إن كان رطبا فاغسله وإن كان يابسا فافركيه والامر للوجوب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المني يصيب الثوب قال: إن عرفت مكانه فاغسله فإن خفي عليك مكانه فاغسله كله وما رواه عن ميسر قال قلت لأبي عبد الله (ع) أمر الجارية فتغسل ثوبي من المني فلا تبالغ في غسله وأصلي فيه فإذا هو يابس قال: أعد صلاتك أما لو كنت غسلت لم يكن عليك شئ وما رواه عن سماعة قال سألته عن المني يصيب الثوب قال اغسل الثوب كله إذا خفي عليك مكانه قليلا كان أو كثيرا وما رواه في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه منيا فليغسل الذي أصابه فإن ظن أنه أصابه مني ولم يستيقن ولم ير مكانه فليغسل ثوبه كله فإنه أحسن وما رواه