أو لم يؤكل وذرقها إلا الخشاف وحجته ما رواه في الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله والرواية مشكلة وهي معارضة لرواية ابن سنان وتلك أقل رجالا من هذه وهي متضمنة للناقل إلا أن لقائل أن يقول: أنها غير مصرحة بالتنجيس أقصى ما في الباب أنه أمر بالغسل منه وهذا غير دال على النجاسة إلا من حيث المفهوم ودلالة المنطوق أقوى وروى ذلك غياث عن جعفر عن أبيه قال: لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف وفي الطريق نظر فإن الراوي إن كان غياث بن إبراهيم فهو بتري قال الشيخ هذه رواية شاذة ويجوز أن يكون قد وردت للتقية. * مسألة:
وبول ما يؤكل لحمه طاهر ذهب إليه علماؤنا وهو قول عطا والنخعي ومالك والزهري وأحمد ومحمد وزفر والليث بن سعد وقال مالك لا ترى أهل العلم أبوال ما أكل لحمه وشرب لبنه نجسا وقال الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف وأبو ثور أنه نجس وهو مروي عن ابن عمر ونحوه عن الحسن البصري. لنا: ما رواه الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله أمر المؤمنين أن يشربوا من أبوال الإبل والنجس لا يؤمر بشربه لا يقال أنه أمرهم للضرورة إذ شرب البول حرام في نفسه لاستخباثه وإن كان طاهرا لأنا نقول كان يجب أن يأمرهم بغسل أثره منهم إذا أرادوا الصلاة وما رواه الجمهور عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: مالا يؤكل لحمه فلا بأس ببوله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة أنهما قال: لا تغسل ثوبك من بول شئ يؤكل لحمه وما رواه في الحسن عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن ألبان الإبل والبقر والغنم وأبوالها ولحومها فقال: لا تتوضأ منه إن أصابك منه شئ أو ثوبا لك فلا تغسله إلا أن اتنظف. وما رواه في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال: كلما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه وما رواه عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أيغسل أم لا قال: يغسل بول الفرس والحمار والبغل فأما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله ولأنه متحلل معتاد من حيوان يؤكل لحمه فكان طاهرا كاللبن ولأنه كان يلزم تنجيس الحبوب التي بدونها البقر إذ لا ينفك عن أبوالها ويختلط الطاهر بالنجس فيصير حكم الجميع حكم النجس احتجوا بقوله (ع) تنزهوا عن البول وهو عام والجواب: المنع من العموم للدليل.
* مسألة: وفي أبوال الخيل والبغال والحمير للأصحاب قولان أصحهما الطهارة. لنا: ان (كل واحد منهما) حيوان مأكول اللحم فكان بوله طاهرا لما تقدم ويؤيد ما قلناه ما رواه الشيخ عن زرارة عن أحدهما في أبوال الدواب يصيب الثوب فكرهه فقلت أليس لحومها حلالا فقال: بلى ولكن ليس مما جعله الله للأكل وهذا يدل على الكراهية احتج المانعون من أصحابنا بما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن أبوال الدواب والبغال والحمير فقال: اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله فإن شككت فانضحه وما رواه في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن أبوال الخيل والبغال فقال: اغسل ما أصابك منه. والجواب: هذه الأحاديث تدل على الاستحباب جمعا بين الأدلة ويؤيده ما رواه ابن يعقوب في كتابه عن أبي الأغر النحاس قال قلت لأبي عبد الله (ع) أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه فقال: ليس عليك شئ وروي عن المعلى بن خنيس و عبد الله بن أبي يعفور قالا كنا في جنازة وقربنا حمار فبال فجاءت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله (ع) فأخبرناه فقال: ليس عليكم بأس نعم هو مكروه وكذا كل ما كان مكروه اللحم. * مسألة: وروث ما لا يؤكل لحمه كالآدمي وغيره مما له نفس سائلة نجس في قول علماء الاسلام أما روث ما يؤكل لحمه فمذهب علمائنا أنه طاهر وهو قول عطا والنخعي والثوري ومالك والزهري وأحمد وزفر وقال الليث بن سعد ومحمد بن الحسن أبوال ما لا يؤكل لحمه طاهرة وأرواثها نجسة وقال الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف أنها نجسة. لنا: ما رواه الجمهور عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ما أكل لحمه فلا بأس ببوله وسلخه وما رووه عن عمار عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إنما يغسل الثوب من البول والدم والمني ولفظة " إنما " للحصر وذلك يفيد التعميم في النفي إلا لما يخرجه الدليل ومن طريق الخاصة ما رواه ابن يعقوب عن أبي الأغر النحاس وقد تقدم وما رواه الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: لا بأس برؤس الحمير واغسل أبوالها ومما يدل على ذلك ما رواه الجمهور أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي في مرابض الغنم متفق عليه وقال: صلوا في مرابض الغنم وقال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم ولم يكن للنبي صلى الله عليه وآله ولا لأصحاب ما يصلون عليه من الأوطئة والمصليات إنما كانوا يصلون على الأرض ولا ريب أن المرابض لا تنفك عن البعرة البول فدل على أنهم كانوا يباشرونها في صلاتهم وذلك يدل على طهارتها ولأنه متحلل معتاد من حيوان يؤكل لحمه فكان طاهرا كاللبن وذرق الطائر عند أبي حنيفة احتجوا بأنه رجيع فكان نجسا كرجيع الآدمي وبقوله تعالى: (نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا) فامتن علينا بأن سقانا طاهرين بين نجسين والجواب عن الأول: الفرق بين مأكول اللحم وغير مأكوله ثابت ولهذا قالوا ان مأكول اللحم نجاسة حقيقة ومع الفرق لا يتم القياس، وعن الثاني: ان الامتنان يجوز أن يكون بمطلق السقي والتخصيص للفرث والدم بالذكر إظهار للقدرة فإن اخراج الأبيض من بين دم أمر وفرث أصفر في غاية من القدرة. فروع: [الأول] أرواث البغال والحمير والدواب طاهرة لكنها مكروهة وقد تقدم البحث فيها في باب البول ورواية أبي الأغر والحلبي يدلان عليه لا يقال قد روى الشيخ عن أبي مريم قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في أبوال الدواب وأرواثها قال: أما أبوالها فاغسل إن أصابك وأما أرواثها فهي