المتيمم بين فريضتين ويصلي الفرائض والنافلة وصلاة الجنازة بتيمم واحد ونقله الجمهور عن علي (ع) وابن عباس و عبد الله بن عمرو بن العاص و النخعي وقتادة وربيعة والليث بن سعيد وإسحاق وقال مالك لا يصلي المتيمم بتيمم واحد صلاتي فرض ولا يصلي فرضا ونافلة إلا بأن يكون الفرض قبل النافلة وقال شريك يتيمم لكل صلاة وروي عن أحمد أنه قال يجمع بين فوائت ولا يجمع بين راتبتين وكان يتيمم وقت الفريضة وبه قال أبو ثور لنا: قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) أوجب علينا الغسل عند القيام إلى جنس الصلاة المتناول للقلة والكثرة ثم عقب بالتيمم بقوله: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) فكأنه تعالى قال الطهارة بالماء إذا وجدتموه يجزيكم بجنس الصلاة وإذا فقدتموه أجزأكم التيمم للجنس وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأبي ذر (رض) يا أبا ذر الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك وما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يحدث أو يجد الماء وهذا نص في الباب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في رجل يتيمم قال يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء وما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: قلت له يصلي الرجل بتيمم واحد صلاة الليل والنهار كلها فقال نعم ما لم يحدث أو يصيب الماء الحديث وما رواه في الصحيح عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله عن الرجل لا يجد الماء أيتيمم لكل صلاة فقال لا هو بمنزلة الماء وما رواه عن السكوني عن جعفر عن آبائه (عل) قال لا بأس بأن يصلي الصلاة الليل والنهار بتيمم واحد ما لم يحدث أو يصيب الماء وما رواه عن السكوني عنه (ع) عن أبيه عن أبي ذر أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله هلكت جامعت على غير ماء قال فأمره النبي صلى الله عليه وآله بمحمل فاستترت به ودعا بماء فاغتسلت أنا وهي ثم قال يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين ولأنها طهارة تبيح الصلاة فلم يتقدر بالوقت كطهارة الماء يقال تعارض هذا ما رواه الشيخ عن أبي همام عن الرضا (ع) قال يتيمم لكل صلاة حتى يوجد الماء وما رواه عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عل) قال لا يتمتع بالتيمم إلا صلاة واحدة وبنافلتها لأنا نقول يحمل ذلك على الاستحباب كما في تجديد الوضوء قال الشيخ إن أبا همام رواه تارة عن الرضا وتارة عن محمد بن سعيد بن عمران والحكم واحد وهذا يوجب الضعف احتج الشافعي بما رواه الحرث عن علي (ع) أنه قال التيمم لكل صلاة ولأنها طهارة ضرورية فتقيدت بالوقت كطهارة المستحاضة والجواب عن الأول: بأن لفظه يتناول تارة كل واحد وتارة للكل المجموع والاحتجاج بها إلا على تقدير الأول أيضا فقوله التيمم لكل صلاة لا دلالة فيه على المطلوب إذ لو أريد منه ان التيمم الواحد لكل صلاة لم يكن بعيدا بل هو الأقرب ولا حجة فيه إذن على مطلوبهم وأيضا يحتمل أن يقال إنه صالح لكل صلاة من فريضة ونافلة وصلاة جنازة وغيرها على معنى أنه لا يتخصص بصلاة دون صلاة وعن الثاني بوجهين أحدهما الفرق فإن المستحاضة حدثها مع بقائه متجدد بخلاف المحدث فجاز استناد الفرق إلى هذا الوصف الثاني إن ما ذكرتموه قياس في مقابلة النص فلا يكون مقبولا ومعارضة فقياسات منها أنها طهارة صحيحة إباحة فرضا فإباحة ما عداه كالماء منها أنه يعيد الفرض الأول بتيمم صحيح يبيح للتطوع نوى به المكتوبة فكان لان يصلي ما شاء كحال الابتداء ومنها أن الطهارة في الأصل إنما يتقيد بالوقت دون الفعل كطهارة الماسح على الحق وهذا مبطل قوله في أنه لا يجوز الجمع بين الفرضين وإن كان غير دال على جواز الفرض مع اختلاف الوقتين ومنها ان كل تيمم أباح ما هو من نوعها بدليل صلاة النوافل واحتج الشافعي أيضا بما رواه ابن عباس أنه قال من السنة أن لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للأخرى وهذا يقتضي سنة النبي صلى الله عليه وآله والجواب من وجهين. أحدهما: ان لفظة السنة قد يعني به عن ذلك و قد يعني به الندب على المساوي فصرفه إلى أحد المعنيين يحتاج إلى دليل. الثاني: ضعف السند فإن راويه حسن بن عمار وهو ضعيف ثم وهو معارض بالنوافل واحتج مالك بمثل ما احتج به الشافعي والجواب ما تقدم واحتج شريك برواية ابن عباس والجواب قد سلف. فروع: [الأول] يجوز الجمع بين فوائت الصلاة وحواضرها فرضا ونفلا للعموم. [الثاني] يجوز أن يجمع بين صلاة واجبة وصلاة مندوبة للعموم وقال الشافعي إن سلكنا بالمنذورة مسك جائز الشرع جاز وإن سلكنا بها واجبة لم يجز. [الثالث] يجوز الجمع بين الصلاة والطواف وصلاته أيضا وقال الشافعي لا يجوز أن يجمع بين مكتوبتين ولا بين طوافين ولا بين فريضة وطواف وكذا يجمع بين فريضة وصلاة جنازة سواء تعينت عليه أولا في أحد القولين وفي الآخر بالتفصيل. [الرابع] لو نسي تعيين صلاة فائتة فوجب عليه صلاة خمس أجزأه تيمم واحد أما عندنا فظاهر وأما عند الشافعي فلان الواجب في الأصل واحدة حتى أنه لو ذكرها لسقط عنه الباقي فلم يكن للحكم الواجب وكذا لو نسي صلاتين عندنا وقال الشافعي إن شاء أدى الخمس كل واحدة بتيمم وإن شاء اقتصر على تيممين ودل بالأول الأربعة الأول من الخمسة والواجب وبالثاني الأربعة الأخيرة ويصلي بالأول الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء ولا يكفيه أن يصلي الخمس بتيممين لأنه لا بد وأن يجمع بين صلاتين بتيمم واحد فربما كانت المتروكتان. [الخامس] يتيمم لصلاة الخسوف بالخسوف ولصلاة الاستسقاء وباجتماع الناس في الصحراء وللفائتة بتذكرها وللنوافل الرواتب بدخول وقتها ولو لم يتيمم للفائتة صحوة النهار فلم يؤديها إلا ظهرا بعد الزوال فهو جائز وهو أصح الوجهين للشافعي ويتيمم للنافلة صحوة مما يستحب فعلها فيه فإذا بها الظهر جاز وللشافعي قولان. [السادس] إذا كان التيمم لنافلة لم يجز التيمم لها في وقت نهى عن فضلها فيه لأنه ليس بوقت لها
(١٥٠)