ذلك في أخبارنا وروى الشيخ عن داود بن النعمان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التيمم فحكى واقعة عمار ثم قال فوضع يديه على الأرض ثم رفعهما فمسح وجهه ويديه فوق الكفين قليلا واحتج من قال بوجوب المسح من أصول الأصابع بما رواه الشيخ عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وقال: (اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) وقال: امسح كفيك من حيث موضع القطع وقال: (وما كان ربك نسيا) ولان القطع يثبت من هذا الموضع فيثبت المسح لتناول اسم اليد لهما واحتج القائلون بوجوب المسح من الكفين بأن الآية وردت بمسح اليد والمفهوم منها عند الاطلاق ذلك ولهذا مسح الصحابة من المنكب والجواب عن الأول: بالمنع من الإحالة على اليد السابقة وتقييد المعطوف عليه لا يوجب تقييد المعطوف إجماعا إنما الخلاف في العكس سلمنا ذلك لكن لا خلاف في أن العطف يقتضي تكرر العامل والقراءة ها هنا بالجر لا غير فيجب تقدير الباقي في الأيدي فيلزم البعضية وذلك إنما يكون بالمسح من الزند ورواية سماعة وليث تقدم الجواب عنهما وهو بعينه الجواب عن رواية محمد بن مسلم ولو حمل على الاستحباب كان وجها وعن أحاديث أبي حنيفة بضعفها فإن أكثر العلماء أنكرها قال الحلال الأحاديث في ذلك ضعيف جدا ولم يرو منها أصحاب السنن إلا حديث ابن عمر وقال أحمد أنه ليس بصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله إنما هو عن ابن عمر وهو عندهم منكر وقال الخطائي يرويه محمد بن ثابت وهو ضعيف وقال ابن عبد البر لم يروه غير محمد بن ثابت وبه يعرف ومن أجله يضعف وهو عندهم حديث منكر وحديث ابن الصمة محرف لأنه إنما جاء في المتفق عليه فمسح وجهه ويديه وذلك لا ينفعهم بل هو حجة. لنا: لان ما علق على مطلق اليد لا يتناول الذراعين وحديث عمار إلى المرفقين لا يعول عليه إنه انما رواه هذا القيد سلمة وشك فيه وقال له منصور ما يقول فيه فإنه لا يذكر الذراعين أحد غيرك فشك وقال لا أدري ذكر الذراعين أم لا ذكر ذلك ومع الشك كيف يصح التعويل عليه مع أنه لو تيقن لم يعمل على حديثه مع معارضة لما قدمناه من الأدلة قالوا يحتمل أنه أراد بالكفين اليدين إلى المرفقين وهذا تأويل ضعيف جدا أما أولا فلان عمار الراوي له الحاكي بفعل الرسول صلى الله عليه وآله أفتى بعد النبي صلى الله عليه وآله في التيمم للوجه والكفين وقد شاهد فعل النبي صلى الله عليه وآله والفعل لا احتمال فيه وأما ثانيا: فإنه تأويل غير معروف بين أهل اللغة فلا يكون مسموعا إذ اليقين في اللغة بالكفين عن الذراعين وعن قياسهم بالنقض في الغسل إذ لا يستوعب المسح أجزاء البدن وباقي الأعضاء الوضوء من المسح وغسل الرجلين والمضمضة والاستنشاق وكذا القول في الوجه فإنه لا يجب فيه الاستيعاب وقد سبق عن قول مالك انه خرج عن قول العلماء والجواب عن الأخير بالمنع من فهم ذلك ولو سلم ف " الباء " مقدرة وهو يفيد التبعيض وعمل الصحابة مدفوع إذا النبي صلى الله عليه وآله بين لهم أن المسح من الزند. * مسألة: يجب استيعاب المسح ذهب إليه علماؤنا والشافعي وأحمد والكرخي وقال أبو حنيفة لو مسح الأكثر أجزأه وهو قول أبي يوسف وزفر. لنا: أن الواجب المسح على المقدر وترك البعض لا يحصل الامتثال ولان الغسل لا يجزي فيه بالأكثر فكذا في بدله ولأنه شرط في الوضوء فكذا هو شرط بالتيمم والجامع ان الحديث لا يجزي وقليله بمنع فكذا كثيره احتج أبو حنيفة بإن اشتراط الاستيعاب في التيمم خرج لان التراب لا يصل إلى كل موضع فيه إلا بتكليف والحرج مدفوع شرعا بخلاف الوضوء لوصول الماء إلى كل موضع والجواب نحن لا نشترط وصول التراب إلى جميع الاجزاء فسقط ما ذكره وقوله انه حرج مبني عليه وأيضا فالحرج غير ملتفت إليه مع ورود التكليف وقد بينا وجود التكليف فلو أخل بشئ منه وجب عليه الإعادة من أوله. * مسألة: وكيفية أن يضرب بيديه على الأرض ثم ينفضها مسحا ثم يمسح وجهه ثم يمسح ظهر يده اليمنى ببطن يده اليسرى ثم ظهر يده اليسرى ببطن يده اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع أما استحباب النفوض (النفض) هو مذهب علمائنا خلافا للجمهور. لنا: ما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه ضرب بيديه على الأرض ثم نفضهما و مسح بهما وجهه وكفيه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر (ع) ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح وما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) ثم ينفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين وما رواه عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله (ع) ثم رفعهما فنفضهما واما وجوب الترتيب فهو مذهب علمائنا أجمع وقال الشافعي بين الوجه واليدين بأن يقدم الوجه ولا ترتيب في اليدين وقال أبو حنيفة لا يجب الترتيب مطلقا. لنا: قوله تعالى: (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) وقد بينا أن " الواو " للترتيب وما رواه الجمهور عن عمار قال قال النبي صلى الله عليه وآله يكفيك أن تضع يديك على الأرض فتمسح بهما وجهك ثم تعيد بهما فتمسح بهما يديك ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الكاهلي فمسح بهما وجهه ثم يمسح كفيه وثم للترتيب باجماع أهل اللغة وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم ثم مسح بهما وجهه ضرب بشماله الأرض فمسح بهما مرفقه إلى أطراف الأصابع ثم ضرب بيمينه الأرض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ويحمل المرفق على الرسغ مجازا وما قلناه في باب الوضوء ها هنا. * مسألة: ولا يجب استعمال التراب في الأعضاء الممسوحة ذكره علماؤنا وهو اختيار أبي حنيفة وقال الشافعي و محمد يجب المسح بالتراب فلو لم يلتصق باليد ولم علق عليها بحيث ينتقل إلى الأعضاء الممسوحة لم يجز. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه نفض يديه ثم مسح بهما ومع النفض يزول الاجزاء الترابية ولأنه تعالى أمر بالضرب على الصعيد والمسح ولم يشترط بقاء التراب وإذا
(١٤٧)