ثم أتى بالماء وعليه شئ من الوقت أيمضي على صلاته أم يتوضأ ويعيد الصلاة قال: يمضي على صلاته فإن رب الماء رب التراب وهو مطلق في حق من دخل بركوع أو بغيره ونحوه وروي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) في رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء فقال لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين وهذا التعليل يدل على المنع من الإعادة مطلقا وما رواه في الحسن عن زرارة عن أحدهما (ع) قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته فليتيمم وليصلي في آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل وهو مطلق فلا يتقيد بالركوع وما رواه عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة قال: يمضي في الصلاة ولان حرمة الصلاة مانعة من التوضي فصار عادما للماء كما لو وجد الماء بزيادة يسيرة في الثمن عندهم لان حرمة الصلاة فوق حرمة الزيادة ولأنه وجد المبدل بعد التلبس بمقصود البدل فلم يلزمه الخروج كما لو وجد الرقبة بعد التلبس بالصيام احتج الشيخ بما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قلت فإن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة قال فلينصرف ويتوضى ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فإن التيمم أحد الطهورين وبما رواه عن عبد الله بن عاصم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل لا يجد الماء فيتيمم ويقيم في الصلاة في الغلام فقال: هو والماء فقال إن كان لم يركع انصرف وليتوضأ وإن كان قد ركع فليمض في صلاته وبما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في رجل تيمم قال يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء وهذا يدل بمفهومه على بطلان الصلاة مطلقا خرج ما لو ركع فيبقى الباقي على العموم واحتج أبو حنيفة بأنه فقد شرط الصلاة ان الطهارة شرط وقد فقدت إذ حصولها مشروط بالعجز لقوله (ع) التراب طهور للمسلم ولو إلى عشر سنين وفي حديث آخر الصعيد الطيب وضوء المسلم ما لم يجد الماء ولو عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك وقد انتفى العجز ولان الحديث دل بمفهومه على أنه لا يكون طهورا عند وجود الماء بمنطوقه على وجوب الامساس عند الوجوب ولأنه قادر على الاستعمال فبطل تيممه كالخارج من الصلاة والجواب عن الأول: بالحمل على الاستحباب لا الوجوب وقد ذكره الشيخ في المبسوط ويدل عليه مفهوم قوله (ع) فإن التيمم أحد الطهورين وهذا التعليل ثابت قبل الفعل ويمكن أن يحمل قوله (ع) وقد دخل في الصلاة قارب الدخول فيها أو دخل في مقدماتها من التوجه بالأذان والتكبيرات وقوله فلينصرف ويتوضى ما لم يركع أي ما لم يدخل في الصلاة ذات الركوع وأطلق على الصلاة اسم الركوع مجازا من باب إطلاق اسم الجزء على الكل وهذان المجازان وإن فقدا الآن إلا أن المصير إليهما للجمع أولى وهذا هو الجواب عن الثاني، وعن الثالث أنه يدل من حيث المفهوم فلا يعارض المنطوق وأيضا يمنع بأنه واجد إذ المراد به التمكن ومع دخوله في الصلاة فهو غير متمكن كما لو وجده بعد الركوع وعن الرابع: بالمنع من فقد الشرط وتحققه قوله (ع) التراب طهور المسلم قوله دوام العجز شرط لبقائهما قلنا ممنوع عندنا وهو ظاهر وعندكم لان مقتضاه بطلان الصلاة من حينه كما لو سبقه الحدث في أثناء الصلاة فإن الصلاة تبطل من حينه ويبني وأنت قصدتم ها هنا بالاستيناف سلمنا لكن دوام العجز موجود ها هنا إذ العجز قد يطلق بحسب الحقيقة وهو ظاهر وبحسب العرف الشرعي كخائف العطش والعجز الشرعي موجود هنا لتحريم قطع الصلاة بالآية فحينئذ لا يمكنكم الاستدلال على قطع الصلاة إلا بعد بيان كونه قادرا وذلك لا يتم إلا بعد بيان جواز القطع وهو ورود الحديثان دالان الآن على كونه طهورا عند عدم الماء لا على نفي الطهورية عند وجود الماء وكيف يمكن ذلك وقد يكون طهورا عند وجوده كما في المريض والعطشان ولو دل قائما يدل بمفهوم دليل الخطاب وهو ضعيف وأبو حنيفة لا يقول به ودلالته على إمساس الماء عند الوجود غير نافع للزوم الدور المتقدم بيانه وهذا ما يبطل قياسهم إذ القدرة ممنوعة ويمنع المساواة بين الأصل والفرع. فروع: [الأول] لو قلنا بجواز الخروج قبل الركوع توضأ واستأنف لان الطهارة شرط وقد فاتت ببطلان التيمم فلا يبقى الصلاة مع فوات شرطها وخالف فيه بعض الجمهور فإنه جوز البناء كما سبقه الحدث.
[الثاني] لو قلنا أن فاقد الماء والتراب يصلي كما ذهب بعض علمائنا وبعض الجمهور لو وجد الماء في أثناء الصلاة خرج منها بكل حال لأنها صلاة بغير طهارة ثبت الترخص فيها لمحل الضرورة وقد زالت. [الثالث] لو تيمم الميت ثم وجد الماء في أثناء الصلاة عليه وجب تغسيله لان غسله ممكن خلافا لبعض الجمهور. [الرابع] هل يجوز له الخروج إذا وجد الماء إن لم يجب عليه كما ذهبنا إليه أما إذا وجده بعد الركوع فلا عملا بالآية والأحاديث وأما إذا وجد قبل الركوع فالآية وإن دلت على المنع والخروج إلا أنه يمكن أن يقال بجواز الخروج عملا بحديث زرارة ولأنه شرع في مقصود البدل مخير بين الرجوع إلى البدل وبين إتمام ما شرع فيه كما في صوم الكفارة لو وجد الرقبة وخالف بعض الجمهور لأنها لا يوجب الخروج والصلاة لا يتجه كسائر الأشياء. [الخامس] لو وجد الماء بعد الركوع استمر ما فعله ولم ينتقض تيممه في تلك الصلاة فإذا فرغ بعد فقده قال الشيخ يبطل تيممه في حق ما يستقبل من الصلاة وهو عندي مشكل إذ المبطل وجود الماء مع التمكن من استعماله وهذا غير متمكن تبرعا فجرى مجرى غير المتمكن حقيقة وكلام الشيخ (ره) لا يخلو عن قوة أما لو وجده قبل الركوع فإن أوجبنا عليه الانصراف كما هو مذهب بعض علمائنا انتقض تيممه قولا واحدا في حق هذه الصلاة وغيرها ووجب عليه الوضوء من الاستيناف وإن لم يوجب عليها الانصراف فإن قلنا بتحريمه