من الوضوء مرة واحدة ومن الجنابة مرتان وفي خبر عمرو بن أبي المقدام دلالة على الاكتفاء بالمرة الواحدة في الوضوء على الضربتين في الغسل رواية زرارة ومحمد بن مسلم احتج القائلون بالاكتفاء بالمرة مطلقا من أصحابنا لقوله فيتمموا ذكره عقيب الحديث والمراد منه شئ واحد والأصل براءة الذمة من الضربتين فوجب أن يكون التساوي باعتبار دلالته على الوحدة وبما رواه الشيخ في واقعة عمار لما قال فكيف التيمم فوضع بيديه على الأرض ثم رفعهما فمسح وجهه ويديه فوق الكف قليلا ولم يذكر تعددا للضرب والواقعة في حديث الجنابة وفي رواية زرارة عن أبي جعفر (ع) سألته عن التيمم فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة والسؤال وقع عن الماهية أو عن العام إذ " الألف واللام " أما أن يدل على الأول أو الثاني لانتفاء دلالتهما على العهد إذ لا معهود هنا وعلى التقديرين يثبت المطلوب وإلا لزم التأخير في البيان وزيادة الاجمال إذ ترك التفصيل فيما هو ثابت فيه مشعر بعدمه وبما رواه الشيخ عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن التيمم من الوضوء والجنابة ومن الحيض للنساء سواء قال نعم والتفصيل ينافي التسوية واحتج مالك بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله في واقعته من أنه ضرب بيده فمسح يديه ووجهه واحتج القائلون بالمرتين من أصحابنا بما رواه الشيخ في الحسن عن إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا (ع) قال التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين وذلك مطلق وبما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن التيمم فقال مرتين مرتين للوجه واليدين وبما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن التيمم فضرب بكفيه الأرض فمسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ثم ضرب بيمينه الأرض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه واحتج الشافعي بما رواه أبو أمامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال ضربة للوجه وضربة لليدين أو المرفقين والجواب عن الأول: أن الآية تدل على وجوب التيمم مطلقا والكيفية مستفادة من السنة ولا دلالة فيها على الوحدة وإلا لتعذر قوله المراد منه شئ واحد قلنا مسلم وهو التيمم المطلق كما لو ذكر الحديثين ثم قال عقيبها وأظهروا مع أنه لا يقتضي اتحادهما فكذا هنا والحاصل أن التيمم معول بالتواطئ بين البدلين لا بالاشتراك اللفظي وعن الثاني: أن عدم الذكر لا يدل على العدم إذ قد استفيد من دليل آخر وهو ما ذكرناه من الأحاديث الدالة على التعدد وهو الجواب عن الثالث مع أنه جاز أن يكون السؤال عن بدل الوضوء وإن لم ينقل ذكره أو لم يذكره لكنه (ع) فهم من قصده ذلك أو لأنه أجاب على الغالب وآخر ما يقع نادرا ليبنيه في وقت آخر ورواية عمار ضعيفة السند وهي محتملة للتأويل وغير دالة على العموم أو صدق التسوية المقيدة يستلزم صدق مطلق التسوية وعن حجة مالك أن الحديث رواه الجمهور فكذا يكفيك أن تضع يديك على الأرض فتمسح بها وجهك ثم تعيدها فتمسح بهما يديك وذلك يدل على التعدد وعن الروايات التي احتج بها الأصحاب أنها مطلقة وما ذكرناه من الأحاديث مفصلة فيحمل عليها جمعا بين الأدلة والرواية الأخيرة من تيممها قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل ونحن نقول به وعن احتجاج الشافعي بأنه يحمل على التفصيل الذي ذكرناه جمعا بين الأدلة. فروع: [الأول] لو ضرب فيما هو بدل من الوضوء مرتين ففي جوازه إشكال ينشأ من وجوب الموالاة في التيمم وكأن الثانية ليس منه. [الثاني] لو ضرب مرة واحدة فيما هو بدل من الغسل لم يجزيه لأنه فعل البعض لم يكن مجزيا. [الثالث] التيمم في جميع الأغسال واحد ويدل عليه رواية عمار وهي ضعيفة السند وفي رواية محمد بن مسلم ذكر الجنابة وفي رواية زرارة يقيد الغسل الجنابة فلا دلالة فيهما وحمل أصحابنا الأحاديث الموجبة للتعدد على ما هو يدل من الغسل لا يصلح أن يكون حجة هنا ولا شك في مساواته الجميع في تكرار الضرب إنما الشك في الاكتفاء به وعدمه فإن الغسل من الحيض وشبهه غير كاف بل لا بد من انضمام الوضوء إليه فهل الحكم كذلك في البدل فيه إشكال والوجه إن ما عدا غسل الجنابة من الأغسال يجب فيه التيمم مرتين مرة بدل من الغسل يشتمل على ضربين ومرة بدل من الوضوء يشتمل على ضربة واحدة والفرعان الأولان نازع فيهما بعض الجمهور أصل " الفاء " يفيد التعقيب وأجمع عليه أهل العربية ولأنه يدخل على الحرام وإن لم يكن بلفظ الماضي المستقبل كقوله من دخل داري فله درهم دخولا واجبا ولما كان داخلا على الجزاء ولا ريب في أن الجزاء لا بد وان يحصل عقيب الشرط وجب اقتضاء " الفاء " للتعقيب ولا يعارض بقوله من يفعل الحسنات الله يشكرها لان المبرد أنكره وروي من يفعل الحسنات فالرحمن يشكره ولا بقوله تعالى: (فليسحتكم) ولا بقوله: (فرهان مقبوضة) ولا بدخول " الفاء " على التعقيب لأنه في مقابلة النص فلا يعارضه بل ينزل على التأويل المحتمل وهو تنزيل اللفظ في الأول على المجاز بقرينة ذكر العذاب الصادف عن زرارة التعقيب وفي الثانية على التأكيد. * مسألة: قال علماؤنا الموالاة واجبة في التيمم خلافا للجمهور. لنا: قوله تعالى: (فتيمموا) أوجب علينا التيمم عقيب إرادة القيام إلى الصلاة ولا يتحقق إلا بمجموع اجزائه المسح على الوجه والكفين فيجب فعلهما عقيب الإرادة على حسب الامكان بأن يأتي بأحديهما ثم تعقيبه بالباقي من غير فصل وأيضا عند القائلين بوجوب التيمم في آخر الوقت يكون وجوب الموالاة ظاهرا ولأنها عبادة يفسدها الحدث فاشتراطها الموالاة كالصلاة احتجوا بأنه أمر بالمسح مطلقا وقد فصل والجواب لا نسلم الاطلاق وقد بيناه. [البحث الرابع] في الاحكام، * مسألة: قال علماؤنا يجوز للمتيمم أن يصلي بتيممه الواحد ما شاء من الصلاة فرائضها ونوافلها حواضر وفوائت أو هما ما لم يحدث أو يجد الماء وهو مذهب سعيد بن المسيب والحسن والزهري والثوري وداود وابن المنذر والمزني وأصحاب الرأي وهو مروي عن ابن عباس وقال الشافعي لا يجمع
(١٤٩)