وإن كانت المضاربة بدراهم مغشوشة والغش فيها أقل من الثلث: فهو جائز عند الحنفية، فيكتب الصدر، ويكمل الاشهاد بالألفاظ المعتبرة في ذلك حسبما تقدم، ويثبت كتاب المضاربة عند قاض حنفي.
وصورة إذن المولى لعبده أن يقارض: أقر فلان المسلم - أو النصراني، أو اليهودي، البالغ، ويذكر حليته وجنسه - ثم يقول: مملوك فلان الحاضر معه عند شهوده، الذي أذن له في الاقرار بما سيأتي ذكره فيه إذنا شرعيا، إقرار مثله - ولا يقال في العبد:
جواز أمره، وإنما يقال: جواز إقرار مثله - وأنه قبض وتسلم من فلان من الذهب كذا.
أو من الفضة كذا وكذا قبضا شرعيا. وصار ذلك بيده وحوزه، ويكمل القراض إلى آخره على نحو ما تقدم شرحه. فإذا وصل إلى التاريخ، كتب - قبل سيده - وأقر فلان القابض المذكور أعلاه: أنه مملوك لفلان المذكور، وأنه قبل الاذن منه في العمل في مال القراض المشروع أعلاه على الوضع المعتبر المعين أعلاه. وصدقه المقارض المذكور على ذلك كله تصديقا شرعيا. ووقع الاشهاد على القابض ومولاه الآذن ورب المال بما نسب إلى كل منهم أعلاه في تاريخ كذا وكذا.
وصورة المفاصلة في المضاربة: أقر فلان أنه كان من قبل تاريخه دفع إلى فلان مالا، وقدره كذا وكذا، على سبيل المضاربة الشرعية، على أن يشتري به ويبيع فيه، ويعمل ما يراه. واكتتب بذلك كتابا مؤرخا باطنه بكذا، وأن فلانا المذكور اشترى بمال المضاربة ما أمكنه شراؤه، وباع ما أمكنه بيعه، وتصرف في ذلك تصرفا شرعيا، وأخذ وأعطى، وأنهما تحاسبا بعد ذلك، وعرفا ما رزق الله تعالى في ذلك من نماء، ويسره من ربح وفائدة، وتقاسماه بينهما، بعد أن دفع فلان إلى فلان رأس المال المذكور. فقبضه منه قبضا شرعيا تاما وافيا، وتفاسخا ما كان بينهما من هذه المضاربة وأبطلاها، ولم يبق لكل واحد منهما قبل صاحبه ولا عنده، ولا في ذمته ولا في يده حق، ولا دعوى ولا طلب، ولا دين ولا عين، ولا ورق ولا ربح، ولا حق ولا بقية من حق، ولا يمين بالله تعالى على ذلك، ولا على شئ منه، ولا مطالبة على أحد من خلق الله تعالى بسبب ذلك، ولا شئ قل ولا جل، لما مضى من سائر الزمان إلى يوم تاريخه، وتصادقا على ذلك كله تصادقا شرعيا. ويؤرخ.
تنبيه: من علل المضاربة: أن يكتب إلى أجل معلوم، لما فيه من الضرر العائد على رب المال والعامل، أما لو كانت مضيقة بتأقيت الشراء جاز. فإنه عقد جائز. فله أن يمنعه من ذلك متى شاء. ويجوز لولي الطفل والمجنون أن يقارض بمالهما، سواء فيه الأب والجد والوصي والحكم وأمينه. انتهى.