والشافعي وأحمد مطالبة المشتري بهدم ما بنى، ولا قلع ما غرس، مضافا إلى الثمن.
وقال أبو حنيفة: للشفيع أن يجبر المشتري على القلع والهدم. وقال في عيون المسائل:
وذهب قوم إلى أن للشفيع أن يعطيه ثمن الشقص، ويترك البناء والغراس في موضعه.
فصل: وكل ما لا ينقسم - كالحمام، والبئر، والرحا، والطريق، والباب - لا شفعة فيه عند الشافعي. واختلف قول مالك، فقال: فيه الشفعة. وقال: لا شفعة. واختار القاضي عبد الوهاب الأول. قال: وهو قول أبي حنيفة.
وعهدة الشفيع في المبيع: على المشتري، وعهدة المشتري: على البائع عند جمهور العلماء. فإذا ظهر المبيع مستحقا أخذه مستحقه من يد الشفيع، ورجع الشفيع بالثمن على المشتري، ثم يرجع المشتري على البائع. وقال ابن أبي ليلى: عهدة الشفيع على البائع بكل حال.
واختلفوا: هل يجوز الاحتيال بإسقاط الشفعة؟ مثل أن يبيع سلعة مجهولة عند من يرى ذلك مسقطا للشفعة، أو أن يقر له ببعض الملك ثم يبيعه الباقي، أو يهبه له؟. فقال أبو حنيفة والشافعي: له ذلك. وقال مالك وأحمد: ليس له ذلك. فإذا وهبه من غير عوض فلا شفعة فيه عند أبي حنيفة والشافعي. وكذلك قول أحمد، بل لا بد أن يكون قد ملك بعوض. واختلف قول مالك في ذلك. فقال: لا شفعة فيه. وقال فيه الشفعة.
فإذا وجبت له الشفعة فبذل له المشتري دراهم على ترك الاخذ بالشفعة جاز له أخذها وتملكها عند الثلاثة. وقال الشافعي: لا يجوز ذلك ولا يملك الدراهم. وعليه ردها. وهل تسقط شفعته بذلك؟ لأصحابه وجهان.
فصل: وإذا ابتاع اثنان من الشركاء نصيبهما صفقة واحدة، كان للشفيع عند الشافعي وأحمد أخذ نصيب أحدهما بالشفعة، كما لو أخذ نصيبهما جميعا. وقال مالك:
ليس له أخذ حصة أحدهما دون الآخر، بل إما أن يأخذهما جميعا أو يتركهما جميعا.
وبه قال أبو حنيفة.
ولو أقر أحد الشريكين: أنه باع نصيبه من رجل، وأنكر الرجل الشراء ولا بينة، وطلب الشفيع الشفعة، قال مالك: ليس له ذلك إلا بعد ثبوت الشراء. وقال أبو حنيفة:
تثبت الشفعة، وهو الأصح من مذهب الشافعي، إلا أن إقراره يتضمن إثبات حق المشتري وحق الشفيع. فلا يبطل حق الشفيع بإنكار المشتري. وتثبت الشفعة للذمي، كما تثبت للمسلم، عند مالك وأبي حنيفة والشافعي. وقال أحمد: لا شفعة للذمي. انتهى.
فائدة: حكى ابن الصلاح: أن الأصمعي سئل عن معنى قول النبي (ص): الجار أحق