واختلفوا في القراض بالفلوس. فمنعه الأئمة. وأجازه أشهب وأبو يوسف إذا راجت. والعامل إذا أخذ مال القراض ببينة لم يبرأ منه عند الانكار إلا ببينة. وقال أهل العراق: يقبل قوله مع يمينه. وإذا دفع إلى العامل ماله قراضا فاشترى العامل منه سلعة، ثم هلك المال قبل دفعه إلى البائع. فليس على المقارض عند مالك والشافعي وأحمد شئ. والسلعة للعامل. وعليه ثمنها. وقال أبو حنيفة: يرجع بذلك على رب المال.
فصل: ولا يجوز القراض إلى مدة معلومة لا يفسخها قبلها، ولا على أنه إذا انتهت المدة يكون ممنوعا من البيع والشراء عند مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة:
يجوز ذلك.
وإذا شرط رب المال على العامل: أن لا يشتري إلا من فلان. كان القراض فاسدا عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة وأحمد: يصح. وإذا عمل المقارض بعد فساد القراض، فحصل في المال ربح: كان للعامل أجرة مثل عمله عند أبي حنيفة والشافعي.
والربح لرب المال والنقصان عليه.
واختلف قول مالك. فقال: يرد إلى قراض مثله. وإن كان فيه شئ لم يكن له شئ. وقال القاضي عبد الوهاب: ويحتمل أن يكون له قراض مثله، وإن كان فيه بعض شئ. ونقل عنه: أن له أجرة مثله، كمذهب الشافعي وأبي حنيفة.
فصل: وإذا سافر العامل بالمال فنفقته من مال القراض عند أبي حنيفة ومالك.
وقال أحمد: من مال نفسه، حتى في ركوبه. وللشافعي قولان. أظهرهما: أن نفقته من مال نفسه ومن أخذ قراضا على أن جميع الربح له ولا ضمان عليه، فهو جائز عند مالك.
وقال أهل العراق: يصير المال قرضا عليه. وقال الشافعي: للعامل أجرة مثله، والربح لرب المال.
وعامل القراض يملك الربح بالقسمة لا بالظهور، على أصح قولي الشافعي. وهو قول مالك. وقال أبو حنيفة: يملك بالظهور، وهو أحد قولي الشافعي. واختلفوا فيما إذا اشترى رب المال شيئا من المضاربة، فقال أبو حنيفة ومالك: يصح. وقال الشافعي: لا يصح، وهو أظهر الروايتين عند أحمد. ولو ادعى المضارب أن رب المال أذن له في البيع والشراء نقدا ونسيئة، وقال رب المال: ما أذنت لك إلا بالنقد. قال أبو حنيفة ومالك وأحمد: القول قول المضارب مع يمينه، وقال الشافعي: القول قول رب المال مع يمينه. والمضارب لرجل إذا ضارب لآخر فربح. قال أحمد وحده: لا يجوز له المضاربة، فإن فعل وربح رد الربح إلى الأول.