والعجب كله في إيجابهم (1) الكفارة على بعض من أفطر من غير المجامع قياسا على المجامع، ثم إسقاطهم الكفارة عن بعض من أفطر من غير المجامع وكلاهما مفطر، وتركوا القياس في ذلك ولم يلتزموا النص!.
وأوجبوا الكفارة على المكرهة على الوطئ، وهي غير عاصية بذلك، وأسقطوها عن المتعمد للقبل (2) فيمذي، وهو عاص!.
فان قالوا: ليس عاصيا.
قلنا: فالذي قبل فأمنى إذن ليس عاصيا، فلم أوجبتموها عليه؟!.
وهذه تخاليط لا نظير لها! ولا متعلق لهم أصلا بشئ من الاخبار، لأنهم فرقوا بين المفطرين في الحكم، فلم يأخذوا برواية من روى: (أن رجلا أفطر فأمره النبي عليه السلام بالكفارة) ولا برواية من روى (أن رجلا وقع على امرأته وهو صائم فأمره النبي عليه السلام بالكفارة) فيقتصروا عليه، ولا قاسوا عليه كل مفطر.
وأسقطوا الكفارة عمن تعمد الفطر في قضاء رمضان، وفى صوم نذر، وفى شهري الكفارة، وقد صح عن قتادة إيجاب الكفارة في قضاء رمضان إذا أفطر فيه عامدا، وتركوا ههنا القياس، لأنه صوم فرض، وصوم فرض، وتعمد فطر، وتعمد فطر.
فان قيل: فمن أين أسقطتم الكفارة عمن وطئ امرأة محرمة عليه في الفرج؟ وعن المرأة الموطوءة باكراه أو بمطاوعة؟
قلنا: لان النص لم يرد إلا فيمن وطئ امرأته، ولا يطلق على من وطئها في غير الفرج اسم واطئ، ولا اسم مواقع، ولا اسم مجامع، ولا أنه وطئها، ولا أنه وقع عليه، ولا أنه جامعها، إلا حتى يضاف إلى ذلك صلة البيان، فايجاب الكفارة على غير من ذكرنا مخالف للسنة وتعدى لحدود الله تعالى في ذلك، وإيجاب ما لم يوجبه.
وأما المرأة فموطوءة، والموطوءة غير الواطئ فالامر في سقوط الكفارة عنها على كل حال أوضح من كل واضح.
وأيضا: فان واطئ الحرام لا يصل إلى الوطئ الا بعد قصد إلى ذلك بكلام أو بطش ولابد، وكلا الامرين معصية تبطل الصوم، فلم يجامع إلا وصومه قط بطل. وبالله تعالى التوفيق.
فان قيل: فإنكم توجبونها على من وطئ امرأته أو أمته وهما حائضان.
قلنا: لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجبها على من وطئ امرأته جملته، ولم يسأله: أحائضا