مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٤٦
المعتبر. (وإنما يبين) فسق الشاهد (ببينة) تقوم به حسبة أو غيرها على أنه كان فاسقا عند العقد وعلم القاضي بفسقه كالبينة كما في البيان والتجريد، لكنهما صوراه بالترافع قال الأذرعي وتبعه الزركشي: ويشبه أنه لا فرق، ثم قال: فإن قيل هذا نكاح مختلف في صحته فلا يتعرض له ما لم يترافعا إليه فيه كسائر الخلافيات، قلت: يحتمل هذا ويحتمل أن يقال يفرق بينهما وأن لم يترافعا اه‍. والاحتمال الأول أظهر الموافق لما قيد به الأولان. (أو اتفاق الزوجين) على فسقه سواء أقالا لم نعلمه إلا بعد العقد أو علمناه ثم نسيناه عند العقد أو علمناه عند العقد. ولو أقر الزوجان عند الحاكم أن النكاح. عقد بعدلين وحكم عليهما بالصحة بإقرارهما ثم ادعيا أنه عقد بفاسقين قال الماوردي: لم يلتفت إلى قولهما ثانيا، وهو كما قال ابن شهبة ظاهر بالنسبة إلى حقوق الزوجية لا بالنسبة إلى تقرير النكاح.
تنبيه: محل تبين البطلان باعتراف الزوجين في حقهما، أما حق الله تعالى بأن طلقها ثلاثا ثم توافقا على فساد العقد بهذا السبب أو بغيره، فلا يجوز أن يوقعاه بلا محلل كما في الكافي للخوارزمي، للتهمة، ولأنه حق الله تعالى فلا يسقط بقولهما. قال: ولو أقاما بينة على ذلك لم يسمع قولهما ولا بينتهما، وبذلك أفتى القاضي. وذكر البغوي في تعليقه أن بينة الحسبة تقبل، لكنهم ذكروا في باب الشهادات: أن محل قبول بينة الحسبة عند الحاجة إليها، كأن طلق شخص زوجته وهو يعاشرها أو أعتق رقيقه وهو ينكر ذلك، أما إذا لم تدع إليها حاجة فلا تسمع، وهنا كذلك، نبه على ذلك شيخي، وهو حسن. قال السبكي: ومحل عدم قبول البينة إذا أراد نكاحا جديدا، فلو أراد الزوج التخلص من المهر كأن كان الطلاق قبل الدخول أو أرادت الزوجة بعد الدخول مهر المثل، أي وكان أكثر من المسمى، فينبغي قبولها. قال شيخنا: وهذا داخل في قولهم: يقبل اعترافهما في حقهما اه‍. وإذا سمعت البينة حينئذ تبين بها بطلان النكاح ويكون ذلك حيلة في دفع المحلل. (ولا أثر) بالنسبة للتفريق بين الزوجين، (لقول الشاهدين:
كنا) عند العقد (فاسقين) لأن الحق ليس لهما فلا يقبل قولهما على الزوجين. أما بالنسبة لغير تفريق الزوجين فقد يظهر أثره فيما لو حضرا عقد أختها ونحوها ثم قالا ذلك وماتت وهما وارثاها، فإن قولهما يؤثر في سقوط المهر قبل الدخول وفي فساد المسمى بعده، نبه على ذلك الأذرعي وغيره. (ولو اعترف به) أي بفسق الشاهدين (الزوج وأنكرت) ذلك الزوجة، (فرق بينهما) مؤاخذة له بقوله، وهي فرقة فسخ على الصحيح فلا تنقص عدد الطلاق كإقراره بالرضاع لأنه لم ينشئ طلاقا ولم يقر به. وقيل: هي طلقة بائنة تنقصه، كما لو نكح أمة وقال: نكحتها وأنا واجد طول حرة فإنها تبين منه بطلقة، نص عليه. واستشكل السبكي كلا من الوجهين بأن كلا من الفسخ والطلاق يقتضي وقوع عقد صحيح، وهو ينكره، قال: فالوجه تأويل قولهم الفسخ على الحكم بالبطلان وتأويل الحكم بالطلاق على أنه في الظاهر دون الباطن (وعليه) إذا اعترف بالفسق (نصف) ما سماه من (المهر إن لم يدخل بها، وإلا) بأن دخل بها (فكله) لأن حكم اعترافه مقصور عليه جريا على القاعدة. ولا يرثها وترثه بعد حلفها أنه عقد بعدلين.
تنبيه: احترز بالزوج عما لو اعترفت الزوجة بالفسق وأنكر الزوج، فإنه لا يفرق بينهما بل يقبل قوله عليها بيمينه، لأن العصمة بيده وهي تريد رفعها والأصل بقاءها. وتؤاخذ بإقرارها بالنسبة لما يضرها، فلو مات لم ترثه وإن ماتت أو طلقها قبل وطئ سقط المهر أو بعده فلها أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل، قال ابن الرفعة: إلا إذا كانت محجورة بسفه فإن ذلك لم يسقط لفساد إقرارها في المال والأمة كذلك. قال في المهمات: وسقوط المهر قبل الدخول ينبغي تقييده بما إذا لم تقبضه، فإن قبضته فليس له استرداده اه‍. أي لأنها تقر له به وهو ينكره فيبقى في يدها. ولو قالت: نكحتني بغير ولي وشهود فقال: بل بهما نقل ابن الرفعة عن الذخائر أن القول قولها، لأن ذلك إنكار لأصل العقد. قال الزركشي وهو ما نص عليه في الأم اه‍. وهذا أحد قولين للإمام الشافعي رضي الله عنه، والقول الثاني: القول قوله بيمينه، وهو
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460