العمد لا ينطبق عليه لأنه يعتبر فيه قصد الشخص كالعمد، ومن هذا يؤخذ أنه لا يجب القصاص في الجنين إذا خرج حيا ومات، لأن القصاص إنما يجب في العمد، ولا يتصور العمد فيه.
تنبيه: يغلظ في شبه العمد على القول به فيؤخذ عند فقد الغرة حقة ونصف وجذعة ونصف خلقتان. قال الروياني وغيره: وينبغي أن يغلظ في الغرة أيضا بأن تبلغ قيمتها نصف عشر الدية المغلظة واستحسناه. واقتصاره على العاقلة يقتضي تحمل عصباته من النسب، ثم الولاء، ثم بيت المال على ما مر، وبه صرح الإمام، فإن لم يكن بيت المال ضربت على الجاني فإن لم تف العاقلة بالواجب وجب على الجاني الباقي. ثم شرع في حكم الجنين الكافر، فقال (والجنين اليهودي أو النصراني) بالتبع لأبويه (قيل كمسلم) في الغرة (وقيل) هو (هدر) وهذان القولان مبنيان على أن الغرة غير مقدرة بالقيمة (والأصح) المنصوص بناء على أن الغرة مقدرة بنصف عشر دية الأب في الجنين المذكور (غرة كثلث غرة مسلم) كما في ديته وهو بعير وثلثا بعير، وفي الجنين المجوسي ثلث خمس غرة مسلم كما في ديته وهو ثلث بعير، وأما الجنين الحربي والجنين المرتد بالتبع لأبويهما فمهدران، ثم شرع في حكم الجنين الرقيق، فقال: (و) الجنين (الرقيق) ذكرا كان أو غيره فيه (عشر قيمة أمه) قنة كانت أو مدبرة أو مكاتبة أو مستولدة قياسا على الجنين الحر، فإن الغرة في الجنين معتبرة بعشر ما تضمن به الام، وإنما لم يعتبروا قيمته في نفسه لعدم ثبوت استقلاله بانفصاله ميتا، واستثنى ما إذا كانت الأمة هي الجانية على نفسها فإنه لا يجب في جنينها المملوك للسيد شئ، إذ لا يجب للسيد على رقيقه شئ، وخرج بالرقيق المبعض، وحكمه حكم الحر، قاله المحامل في اللباب، وينبغي أن توزع الغرة على الرق والحرية، وتعتبر قيمة الام (يوم الجناية) عليها لأنه وقت الوجوب (وقيل) يوم (الاجهاض) للجنين لأنه وقت استقرار الجناية.
تنبيه: إطلاق اعتبار يوم الجناية يقتضي أنه سواء كانت القيمة فيه أكثر من وقت الاجهاض أم أقل وبه صرح القاضي الحسين وغيره، لكن الصحيح المنصوص كما في أصل الروضة أنا نعتبر قيمتها أكثر ما كانت من حين الجناية إلى الاجهاض، هذا كله إذا انفصل ميتا كما علم من التعليل السابق، فإن انفصل حيا ومات من أثر الجناية فإن فيه قيمته يوم الانفصال قطعا وإن نقصت عن عشر قيمة أمه كما نقله في البحر عن النص ويصرف ما ذكر في الرقيق (لسيدها) أي أم الجنين، وعبارة المحرر والشرح للسيد: أي سيد الجنين، وهي أولى لأن الجنين قد يكون لشخص وصي له به وتكون الام لآخر فالبدل لسيده لا لسيدها، وقد يعتذر عن المصنف بأنه جرى على الغالب من أن الحمل المملوك لسيد الام (فإن كانت) تلك الام (مقطوعة) أطرافها (والجنين سليم) أطرافه (قومت) بتقديرها ( سليمة في الأصح) لسلامته كما لو كانت كافرة والجنين مسلم فإنه يقدر فيها الاسلام وتقوم مسلمة، وكذا لو كانت حرة والجنين رقيق فإنها تقدر رقيقة وصورته أن تكون الأمة لشخص والجنين لآخر بوصية فيعتقها مالكها، والثاني لا تقدر سليمة لأن نقصان الأعضاء أمر خلقي، وفي تقدير خلافه بعد.
تنبيه: كلام المصنف قد يوهم أنه لو كان الجنين مقطوعا والام سليمة قومت الام مقطوعة، وليس مرادا بل تقوم سليمة أيضا في الأصح لأن نقصان الجنين قد يكون من أثر الجناية، واللائق التغليظ على الجاني لا التخفيف، فلو قال: وعكسه لشمل هذه الصورة (وتحمله) أي العشر المذكور (العاقلة) أي عاقلة الجاني (في الأظهر) لما مر في الغرة، وهذا قد علم من قوله سابقا في الفصل الثاني من هذا الباب: وتحمل العاقلة العبد في الأظهر.
تتمة: سقط جنين ميت فادعى وارثه على إنسان أنه سقط بجنايته فأنكر صدق بيمينه، وعلى المدعي البينة، ولا يقبل إلا شهادة رجلين، فإن أقر بالجناية وأنكر الاسقاط وقال القسط ملتقط فهو المصدق أيضا وعلى المدعي البينة