والتكليف، واتفاق الدين. أما الصفة الأولى فقد استغنى المصنف عن ذكرها بقوله سابقا: وعتيقها يعقله عاقلتها أي لا هي، والخنثى كالمرأة، وإنما لم تعقل المرأة أهليتها للنصرة ولعدم الولاية، فلو بان الخنثى ذكرا هل يغرم حصته التي أداها غيره أو لا؟ وجهان قال في الروضة: لعل أصحهما نعم، ورجحه ابن المقري اعتبارا بما في نفس الامر كما في شاهد النكاح ووليه ورجح البلقيني الثاني قال: لبناء التحمل على الموالاة والمناصرة الظاهرة، وقد كان هذا في ستر الثوب كالأنثى فلا نصرة به اه. والأول أوجه لأن النصرة موجودة فيه بالقوة وأما الصفة الثانية فمأخوذة من قوله:
(ولا يعقل فقير) ولو كسوبا لأن العقل مواساة، وليس الفقير من أهلها كنفقة القريب. فإن قيل الفقير تلزمه الجزية، فهلا كان مثل هذا؟ أجيب بأن الجزية موضوعة لحقن الدم ولاقراره في دار الاسلام فصارت عوضا، وأما الصفة الثالثة فمأخوذة من قوله (و) لا يعقل (رقيق) ولو مكاتبا، إذ لا ملك له فلا مواساة، والمكاتب وإن ملك فملكه ضعيف، وليس من أهل المواساة، ولهذا لا تجب عليه الزكاة، وألحق البلقيني المبعض بالمكاتب لنقصه بالرق، وأما الصفة الرابعة فمأخوذة من قوله (و) لا يعقل (صبي و) لا (مجنون) لأن مبنى العقل على النصرة ولا نصرة فيهما لا بالعقل ولا بالرأي، بخلاف الزمن والشيخ الهرم والأعمى فإنهم يتحملون لأنهم ينصرون بالقول والرأي.
تنبيه: ظاهر إطلاقهم أنه لا فرق بين الجنون المتقطع والمطبق، ويحتمل كما قال الأذرعي الوجوب فيما إذا كان يجن في العام يوما واحدا، وليس هو آخر السنة، فإن هذا لا عبرة به. وأما الصفة الخامسة فمأخوذة من قوله (و) لا يعقل (مسلم عن كافر وعكسه) لأنه لا موالاة بينهما ولا توارث فلا مناصرة (ويعقل يهودي عن نصراني وعكسه في الأظهر) كالإرث إذ الكفر كله ملة واحدة، والثاني، لا، لانقطاع الموالاة بينهما.
تنبيه: يتعاقل ذمي ومعاهد إن زادت مدة عهده على مدة الاجل، بخلاف ما إذا نقصت عنها وهو ظاهر أو ساوتها تقديما للمانع على المقتضي، ويكفي في تحمل كل حول على انفراده زيادة مدة العهد عليه. قال الأذرعي:
ومقتضى كلام القاضي وغيره أن ما ذكر من تحمل الذمي ونحوه محله إذا كانوا في دارنا، لأنهم تحت حكمنا، ولا تعاقل بين ذمي وحربي، والمعاهد كالذمي. ثم أخذ المصنف رحمه الله تعالى في كيفية توزيع المضروب على العاقلة فقال: (وعلى الغني) من العاقلة، وهو من يملك فاضلا عما يبقى له في الكفارة عشرين دينارا أو قدرها اعتبارا بالزكاة (نصف دينار) على أهل الذهب، أو قدره دراهم على أهل الفضة، وهو ستة منها، لأن ذلك أول درجة المواساة في زكاة النقد، والزيادة عليه لا ضابط لها (و) على (المتوسط) منهم، وهو من يملك فاضلا عما ذكره من العشرين دينارا أو قدرها، وفوق ربع دينار لئلا يبقى فقيرا. فإن قيل: ينبغي أن يقاس به الغني لئلا يبقى متوسطا. أجيب بأن المتوسط من أهل التحمل بخلاف الفقير (ربع) من دينار أو ثلاثة دراهم، لأنه واسطة بين الفقير الذي لا شئ عليه والغني الذي عليه نصف دينار، ولم نجز إلحاقه بأحد الطرفين لأنه إفراط أو تفريط فتوسط فيه بربع دينار، لأن الناقص عنه تافه بدليل عدم القطع به.
تنبيه: ما ضبطنا به الغني والمتوسط هو ما قاله الإمام وتبعه الغزالي وغيره، ورجحه ابن المقري وضبطه البغوي تبعا للقاضي بالعرف ولا ترجيح في الروضة. قال الإمام: وكون الغني عليه نصف الدينار والمتوسط ربع لا يعرف في ذلك أثر ناص ولا خبر، لكنهم راعوا معنى المواساة ويجب النصف والربع (كل سنة من الثلاث) لأنها مواساة تتعلق بالحول فتكررت بتكرره كالزكاة فجميع ما يلزم الغني في الثلاث سنين دينار ونصف والمتوسط نصف وربع (وقيل هو) أي ما ذكر من نصف أو ربع (واجب الثلاث) أخذا من قول الشافعي رضي الله عنه في الام: أن من كثر ماله يحمل إذا قومت الدية نصف دينار ومن كان دونه ربع دينار لا يزاد على هذا ولا ينقص وعلى هذا يؤدي الغني كل سنة سدس دينار والمتوسط نصف سدس، وعلى الأول لو كثرت العاقلة أو قل الواجب نقص القسط