مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٥
المتولي وغيره لما فيه من التعذيب. (أو) قتل (بسحر فبسيف) يقتل لأن عموم السحر حرام لا شئ مباح فيشبهه ولا ينضبط وتختلف تأثيراته. وفي الخبر حد الساحر ضربة بالسيف رواه الترمذي.
تنبيه: هذه المسألة مستثناة من القاعدة المتقدمة لما ذكر، وكذا قوله (وكذا خمر) يقتل غالبا قتل جان بها كأن وأجرها المجني عليه فبسيف يقتل الجاني (ولواط) يقتل غالبا كأن لاط بصغير فبسيف يقتل اللائط (في الأصح) فيهما، وعبر في الروضة بالصحيح، لأن المماثلة ممتنعة لتحريم الفعل فيتعين السيف، والثاني في الخمر يوجر مائعا كخل أو ماء، وفي اللواط يدس في دبره خشبة قريبة من آلته ويقتل بها، وفي معنى اللواط: ما لو جامع صغيرة فقتلها كما في المحرر، ولكن يتعين في هذه العدول إلى السيف قطعا قاله الزركشي.
تنبيه: كلام المصنف مشعر باختصاص المماثلة بالنفس وليس مرادا، بل يعتبر في الطرف أيضا إن أمكن كما في الروضة وأصلها، فإن لم يمكن كأن أبان طرفه بحجر فلا يستوفي إلا بالسيف.
فروع: لو أوجر بولا فكالخمر فيما ذكر أو ماء نجسا أوجر ماء طاهرا، ذكره في أصل الروضة، وإن أغرقه بالملح جاز تغريقه في العذب دون عكسه وإن لم تأكل الحيتان الأول، ففي جواز إلقاء الثاني لتأكله وجهان أقربهما عدم الجواز، ولو قتله بمسموم من طعام أو آلة اقتص منه بمثله إذا لم يكن مهريا يمنع الغسل، ولو أنهشه حية فهل يقاد بمثلها؟ وجهان في الحاوي. قال: فإن كانت تلك الحية موجودة لم يعدل إلى غيرها، أي إذا قلنا تنهشه، وهو الظاهر ولو رجع شهود الزنا بعد رجم المشهود عليه اقتص منهم بالرجم كما ذكره الرافعي أو بعد موته بالجلد اقتص منهم بالجلد كما في فتاوى البغوي. (ولو جوع) أو حرق أو غرق (كتجويعه) أو تحريقه أو تغريقه: أي كمدة ذلك (فلم يمت) من ذلك الجنس (زيد) فيه حتى يموت ليكون قتله بالطريق التي قتل به، ولا يبالي بزيادة الايلاء والتعذيب كما لو ضرب رقبة إنسان بضربة واحدة ولم تنحز رقبته إلا بضربتين، وهذا ما صححه المصنف هنا، وفي تصحيح التنبيه تبعا للمحرر (وفي قول: السيف) يقتل به، وهذا هو الأصح كما نص عليه في الام والمختصر، وقال القاضي الحسين: إن الشافعي لم يقل بخلافه، ولم يختلف مذهب الشافعي فيه، وجرى عليه جمع من الأصحاب. وصوبه البلقيني وغيره لأن المماثلة قد حصلت ولم يبق إلا تفويت الروح فيجب تفويتها بالأسهل، ولم يصرحا في الروضة ولا الرافعي في الشرحين بترجيح واحد من القولين (ومن عدل) عما تجوز فيه المماثلة (إلى سيف فله) سواء أرضي الجاني أم لا، لأنه أوحى وأسهل، بل هو أولى للخروج من الخلاف.
تنبيه: المراد بالعدول إلى السيف حيث ذكر حز الرقبة على المعهود، فلو عدل إلى ذبحه كالبهيمة لم يجز لهتكه الحرمة، وحمله بعضهم على ما إذا لم يكن القاتل قد فعل ذلك. أما عكس ما ذكره المصنف بأن كان الجاني قتل بالسيف ويريد ولي المقتول قتل الجاني بغيره فإنه لا يمكن من ذلك (ولو) قتله بجرح ذي قصاص كأن (قطع) يده (فسرى) قطعه للنفس (فللولي حز رقبته) ابتداء، لأنه أسهل على الجاني من القطع ثم الحز (وله القطع) للمماثلة (ثم الحز ) للرقبة حالا للسراية، ولا يجاب الجاني إذا قال لولي المجني عليه: أمهلني مدة بقاء المجني عليه بعد جنايتي لثبوت حق القصاص ناجزا (وإن شاء) الولي أخر، و (انتظر السراية) بعد القطع، وليس للجاني أن يقول لولي المقتول: أرحني بالقتل أو العفو، بل الخيرة إلى المستحق.
تنبيه: ظاهر إطلاقه كالروضة وأصلها أن للولي في صورة السراية قطع العضو بنفسه وإن منعناه من القتل حيث لا سراية، وهو كذلك كما مرت الإشارة إليه عند قول المصنف: ويقتص على الفور، وأفهم تعبيره بقطع إن محل الحكم المذكور في جراحة سارية يشرع فيها القصاص كما قدرته في كلامه، وهو احتراز عن جراحة الجائفة
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548