مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥١
نفسه فلوليه أن يقتص في النفس لأنه عفو عن القود فيما لا قود فيه فلم يؤثر العفو. وحكى الإمام فيه الاتفاق ثم أبدى فيه احتمالا لنفسه. (وإن سرى) للنفس كما في المحرر (فلا قصاص) في نفس ولا طرف، لأن السراية تولدت من معفو عنه فصارت شبهة دافعة للقصاص. أما إذا سرى إلى عضو آخر فلا قصاص فيه وإن لم يعف عن الأول كما مر (وأما أرش العضو) في صورة سراية القطع للنفس (فإن جرى) من المقطوع في لفظ العفو عن الجاني (لفظ وصية ك‍) - أن قال بعد عفوه عن القود: (أوصيت له بأرش هذه الجناية فوصية للقاتل) والأظهر صحتها كما مر في باب الوصية، وحينئذ يسقط الأرش إن خرج من الثلث أو أجاز الوارث، وإلا سقط منه القدر الذي يحتمله الثلث (أو) جرى (لفظ إبراء أو إسقاط، أو) جرى (عفو) عن الجناية (سقط) الأرش قطعا (وقيل) ما جرى من هذه الثلاثة (وصية) لاعتباره من الثلث فيأتي فيها خلاف الوصية للقاتل، ودفع بأن ما ذكره إسقاط ناجز، والوصية ما تعلق بالموت.
تنبيه: ما حكاه المصنف وجها هو نص الام. وقال البلقيني: إنه الحق فكان ينبغي أن يقول: وفي قول وصية.
(وتجب الزيادة عليه) أي أرش العضو المعفو عنه إن كان (إلى تمام الدية) للسراية سواء تعرض في عفوه لما يحدث منها أم لا (وفي قول: إن تعرض في عفوه) عن الجناية (لما يحدث منها سقطت) تلك الزيادة، والأظهر عدم السقوط لأن إسقاط الشئ قبل ثبوته غير منتظم. نعم إن قاله بلفظ الوصية كأوصيت له بأرش هذه الجناية، وأرش ما يحدث منها أو يتولد منها، أو يسري إليه بني على القولين في الوصية للقاتل، ويأتي جميع ما سبق في أرش العضو.
تنبيه: محل ما ذكره من التفصيل في الأرش إذا كان دون الدية، أما إذا قطع يديه مثلا فعفا عن أرش الجناية وما يحدث منها سقطت الدية بكمالها في الأظهر إن وفى بها الثلث سواء أصححنا الابراء عما لم يجب أم لا، لأن أرش اليدين دية كاملة فلا يزاد بالسراية شئ. (فلو سرى) قطع العضو المعفو عن قوده وأرشه كإصبع (إلى عضو آخر) كباقي الكف (فاندمل) القطع الساري إلى ما ذكر (ضمن دية السراية) فقط (في الأصح) لأنه إنما عفا عن موجب جناية موجودة فلا يتناول غيرها. والثاني المنع لأنها تولدت من معفو عنه. أما القصاص في العضو المقطوع وديته فساقطان.
تنبيه: كلام المصنف يفهم أنه لا قصاص في العضو الذي سرى إليه وهو كذلك، لأن القصاص لا يجب في الأجسام بالسراية، ويفهم أيضا أنه يضمن دية السراية وإن تعرض لما يحدث من الجناية وهو كذلك على الأظهر السابق.
فرع: لو عفا شخص عن عبد تعلق به قصاص له ثم مات سراية صح العفو لأن القصاص عليه، أو تعلق به مال له بجناية وطلق العفو أو أضافه إلى السيد صح العفو أيضا، لأنه عفو عن حق لزم السيد في غير ماله، وإن أضاف العفو إلى العبد لغا، لأن الحق ليس عليه، ولو عفا الوارث في جناية الخطأ عن الدية أو عن العاقلة أو طلق صح، لأنه تبرع صدر من أهله، وإن عفا عن الجاني لم يصح، لأن الحق ليس عليه. ويؤخذ من هذا أن الدية لو كانت عليه صح العفو كأن كان ذميا وعاقلته مسلمين أو حربيين وهو كذلك. (ومن له قصاص نفس بسراية) قطع (طرف) كأن قطع يده فمات بسراية (لو عفا) وليه (عن النفس فلا قطع له) لأن المستحق القتل والقطع طريقه وقد عفا عنه، وقيل له ذلك، وجزم به في البسيط، وقال البلقيني: إنه المعتمد (أو) عفا وليه (عن الطرف فله حز الرقبة في الأصح) لأن كلا منهما حقه. والثاني المنع، لأنه استحق القتل بالقطع الساري وقد عفا عنه. وخرج بالسراية
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548