مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٠٧
فبالقياس عليه. أما إذا أعتق غيره عبده عنه بغير إذنه فإنه يصح أيضا، لكن لا يثبت له الولاء وإنما يثبت للمالك خلافا لما وقع في أصل الروضة من أنه يثبت له لا للمالك. ولو أعتق عبده على أن لا ولاء عليه أو على أن يكون سائبة أو على أنه لغير علم يبطل ولاؤه ولم ينتقل كنسبه، لخبر الصحيحين: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، قضاء الله أحق وشرطه أوثق، إنما الولاء لمن أعتق. واستثنى من ذلك ما لو أقر بحرية عبد ثم اشتراه فإنه يعتق عليه، ولا يكون ولاؤه له بل هو موقوف، لأن الملك بزعمه لم يثبت له، وإنما عتق مؤاخذة له بقوله، وما لو أعتق الكافر كافرا فلحق العتيق بدار الحرب واسترق، ثم أعتقه السيد الثاني فولاؤه للثاني، وما لو أعتق الإمام عبدا من عبيد بيت المال فإنه يثبت الولاء عليه للمسلمين لا للمعتق.
تنبيه: يثبت الولاء للكافر على المسلم كعكسه وإن لم يتوارثا، كما تثبت علقة النكاح والنسب بينهما وإن لم يتوارثا، ولا يثبت الولاء بسبب آخر غير الاعتاق كإسلام شخص على يد غيره، وحديث: من أسلم على يد رجل فهو أحق الناس بمحياه ومماته قال البخاري: اختلفوا في صحته، وكالتقاط. وحديث: تحوز المرأة ثلاثة مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لا عنت عليه ضعفه الشافعي وغيره. وكالحلف والموالاة. (ثم لعصبته) المتعصبين بأنفسهم كما مر في الفرائض دون سائر الورثة، ومن يعصبهم العاصب لأنه لا يورث كما مر، فلو انتقل إلى غيرهم لكان موروثا.
تنبيه: ظاهر كلامه أن الولاء لا يثبت للعاصب مع وجود المعتق، وليس مرادا بل هو ثابت لهم في حياته وهو قضية قول الشيخين: فيما إذا مات العتيق وهو مسلم والمعتق حر كافر وله ابن مسلم فميراثه للابن المسلم، ولو قلنا لا يثبت لكان لبيت المال، بل المتأخر لهم عنه إنما هو فوائده. وكان ينبغي للمصنف أن يقيد العصمة بما زدته في كلامه، وكأنه استغنى عن ذلك بقوله: (ولا ترث امرأة بولاء) فلو كان للمعتق ابن وبنت ورث الذكر دونها. ثم استثنى من ذلك قوله: (إلا من عتيقها) للخبر السابق، (وأولاده) وإن نزلوا، (وعتقائه) وإن بعدوا.
تنبيه: كان ينبغي أن يقول: إلا من معتقها أو متتم إليه بنسب أو ولاء لئلا يرد عليه ولد العتيقة الذي علقت به بعد العتق من حر أصلي، فإن الأصح أنه لا ولاء لاحد عليه مع دخوله في عبارته. وهذه المسألة قد تقدمت للمصنف في الفراض، وذكرها هنا توطئة لقوله: (فإن عتق عليها أبوها) كأن اشترته، (ثم أعتق عبدا فمات بعد موت الأب بلا وارث) من النسب للأب والعبد، (فماله) أي العتيق (للبنت) لا لكونها بنت معتقة لما مر أنها لا ترث بل لأنها معتقة للعتق.
تنبيه: محل ميراثها إذا لم يكن للأب عصبة، فإن كان كأخ وابن عم فميراث العتيق له ولا شئ لها، لأن معتق المعتق متأخر عن عصوبة النسب، قال الشيخ أبو علي: سمعت بعض الناس يقول: أخطأ في هذه المسألة أربعمائة قاض، فقالوا إن الميراث للبنت لأنهم رأوها أقرب وهي عصبة له بولائها عليه، ووجه الغفلة أن المقدم في الولاء المعتق ثم عصبته ثم معتقه ثم عصباته وهكذا، ووارث العبد ههنا عصبة فكان مقدما على معتق معتقه ولا شئ لها مع وجوده، وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك في كتاب الفرائض ونسبة غلط القضاة في هذه الصورة حكاه الشيخان. قال الزركشي: والذي حكاه الإمام عن غلطهم فيما إذا اشترى أخ وأخت أباهما فأعتق الأب عبدا ومات ثم مات العتيق، فقالوا ميراثه بين الأخ والأخت لأنهما معتقا معتقه، وهو غلط، وإنما الميراث للأخ وحده.
وقول المصنف: بلا وارث يرجع للأب والعبد كما مر، وإن ذكره في المحرر بالنسبة إلى الأب. (والولاء لاعلى العصبات) لما رواه أبو داود وغيره عن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم: الولاء للكبر وهو بضم الكاف وسكون الباء أكبر الجماعة في الدرجة والقرب دون السن، مثاله ابن المعتق مع ابن ابنه، فلو مات المعتق عن ابنين أو أخوين فمات أحدهما وخلف ابنا فالولاء لعمه دونه وإن كان هو الوارث لأبيه، فلو مات الآخر وخلف تسعة بنين فالولاء بين
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548