ملكه سابقا على إقامتها، ولكن لا يشترط السبق بزمن طويل يكفي لصدق الشهود لحظة لطيفة، لأن هذا تقدم صوري لا حقيقي، ولهذا لا يستحق الثمرة والنتاج الحاصلين قبل تلك الساعة كما قال: (ولو أقامها بملك دابة أو شجرة لم يستحق ثمرة موجودة ولا) يستحق (ولدا منفصلا) عند الشهادة المسبوقة بالملك، بل يبقيان للمدعى عليه، لأن الثمرة والولد ليسا من أجزاء الدابة والشجرة، ولذلك لا يتبعانهما في البيع المطلق.
تنبيه: قيد البلقيني الثمرة بأن لا تدخل في البيع لكونها مؤبرة في تمر النخل أو بارزة في التين والعنب ونحو ذلك، فإن دخلت في مطلق بيع الشجرة استحقها مقيم البينة بملك الشجرة، قال: وكلام الأصحاب شاهد لذلك. وبسط ذلك، وأشار إلى ذلك في المطلب، وهو مقتضى تعبير الروضة بالظاهر. (ويستحق حملا) موجودا عند الشهادة (في الأصح) تبعا للام وإن لم تتعرض له البينة. والثاني وهو احتمال للإمام: لا يستحقه لاحتمال كونه لغير مالك الام بوصية.
تنبيه: ما ذكره المصنف في بينة مطلقة، فإن تعرضت لوقت مخصوص ادعاه المشهود له، فما يحصل من النتاج والثمرة له وإن تقدم على وقت أداء الشهادة، ولو أقام بينة بملك جدار أو شجرة كانت شهادة بالاس لا المغرس كما اقتضاه كلام الإمام. (ولو اشترى) شخص (شيئا فأخذ منه بحجة مطلقة) أي غير مؤرخة ولا بينة لسبب الملك، (رجع) الشخص (على بائعه بالثمن) وإن احتمل انتقاله منه، أي المدعي، لمسيس الحاجة إليه في عهدة العقود، ولان الأصل عدم انتقاله منه إليه فيستند الملك المشهود به إلى ما قبل الشراء. وإنما حكم ببقاء الزوائد المنفصلة للمدعي كما تقرر لاحتمال انتقالها إليه مع كونها ليست بجزء من الأصل. (وقيل: لا) يرجع (إلا إذا ادعي) بضم الدال بخطه، (في ملك سابق على الشراء) لاحتمال انتقال الملك من المشتري إلى المدعي، ورجحه البلقيني وقال: إنه الصواب والمذهب الذي لا يجوز غيره، قال: وحكى القاضي الحسين الأول عن الأصحاب، وهو لا يعرف من كتب الأصحاب في الطريقتين، وهي طريقة غير مستقيمة جامعة لأمر محال، وهو أنه يأخذ النتاج والثمرة والزوائد المنفصلة كلها، وهو قضية صحة البيع، ويرجع على البائع بالثمن، وهو قضية فساد البيع، وهذا محال، وأجيب عنه بما تقرر.
تنبيه: احترز المصنف بقوله: مطلقة عما لو استند الاستحقاق إلى حالة العقد فيرجع قطعا. ومحل الرجوع ما لم يصدقه على أنه ملكه، فإن صدقه أو شهدت البينة بإقرار المشتري حقيقة أو حكما لم يرجع بالثمن عليه لاعترافه بما يقتضي أنه مظلوم. نعم، لو صدقه أو قال هو ملكي على وجه الخصومة واعتمد ظاهر اليد ثم بان خلافه رجع، وكذا لو قال ابتداء يعني هذا الدار فإنها ملكك ثم قامت بينة بالاستحقاق، أو اشترى عبدا في الظاهر فقال: أنا حر الأصل، وحلف فحكم بحريته وكان المشتري قد صرح في منازعته بأنه رقيق فيرجع بالثمن. واحترز بقوله: على بائعه عما لو باعه المشتري لغيره وانتزع من المشتري الثاني فإنه ليس له مطالبة البائع الأول وإن لم يظفر ببائعه بل يرجع كل منهما على بائعه. (ولو ادعى) شخص (ملكا مطلقا فشهدوا له) به (مع) بيان (سببه لم يضر) ما زادوه، أي لم تبطل شهادتهم بذلك لأن سبب الملك تابع للملك وليس مقصودا في نفسه، وإنما المقصود الملك وقد وافقت فيه البينة الدعوى.
تنبيه: لا تقدم هذه البينة بذكر السبب بناء على أن ذكر السبب مرجح، لأنهم ذكروا السبب قبل الدعوى به والاستشهاد عليه، فإن أفاد المدعى دعوى الملك وسببه فشهدوا له بذلك قدمت ببينته حينئذ. (وإن ذكر) المدعي (سببا) للملك، (وهم) أي الشهود ذكروا (سببا آخر) للملك، (ضر) ذلك، فترد شهادتهم للتناقض بين الدعوى