شهادتهما، (فقامت بينة أنه كان بينهما رضاع) محرم أو نحوه كلعان أو فسخ، (فلا غرم) لأنا تبينا أن شهادتهما لم تفوت على الزوج شيئا. ولو غرما قبل قيام البينة شيئا استردا ما غرماه.
تنبيه: لو رجعت هذه البينة بعد حكم الحاكم بالاسترداد ينبغي أن تغرم ما استرد لأنها فوتت عليه ما كان أخذه، ولم أر من ذكره. (ولو رجع شهود مال) عين أو دين بعد الحكم به ودفعه لمستحقه، (غرموا) بدله للمحكوم عليه (في الأظهر) وإن قالوا أخطأنا، لحصول الحيلولة بشهادتهم. والثاني: المنع، لأن الضمان باليد أو الاتلاف ولم يوجد واحد منهما.
تنبيه: لو صدقهم الخصم في الرجوع عادت العين إلى من انتزعت منه ولا غرم. (ومتى رجعوا كلهم) معا أو مرتبا، سواء أكانوا أقل الحجة أو زادوا عليه كخمسة في الزنا وثلاثة في القتل، (وزع عليهم الغرم) بالسوية عند اتحاد نوعهم. (أو) رجع (بعضهم وبقى) منهم (نصاب) كأن رجع من ثلاثة واحد فيما يثبت بشاهدين كالعتق، (فلا غرم) على من رجع لبقاء الحجة فكأن الراجع لم يشهد. (وقيل: يغرم) الراجع (قسطه) من النصاب، واختاره المزني، لأن الحكم وقع بشهادة الجميع، وكل منهم قد فوت قسطا فيغرم ما فوت. (وإن نقص النصاب) بعد رجوع بعضهم (ولم يزد الشهود عليه) أي النصاب كأن شهد في الزنا أربعة، وفي مال أو قتل اثنان، (فسقط) يلزم الراجع منهم، فإذا شهد اثنان فيما يثبت بهما ثم رجع أحدهما فعليه النصف، أو أربعة فيما يثبت بهم لزوم الراجع بقسطه، فإن كان واحدا فعليه الربع. (وإن زاد) عدد الشهور على النصاب، كما إذا رجع من الخمسة في الزنا اثنان أو من الثلاثة في غيره اثنان، (فقسط من النصاب) في الأصح، بناء على أنه لا غرم إذا بقي نصاب فيجب النصف على الراجعين من الثلاثة لبقاء نصف الحجة.
(وقيل) قسط (من العدد) يغرمه الراجع منهم فيجب الثلثان على الراجعين من الثلاثة، وصححه ابن الصباغ، لأن البينة إذا نقص عددها زال حكمها وصار الضمان متعلقا بالاتلاف وقد استووا فيه. (وإن شهد رجل وامرأتان) فيما يثبت بذلك ثم رجعوا، (فعليه نصف وهما نصف) على كل واحدة ربع لأنهما كرجل.
تنبيه: الخنثى في جميع ذلك كالمرأة، قاله ابن المسلم. (أو) شهد رجل (وأربع) من نساء (في رضاع) أو نحوه مما يثبت بمحض الإناث ثم رجعوا، (فعليه ثلث، وهن ثلثان) وتنزل كل امرأتين منزلة رجل، لأن هذه الشهادة ينفرد بها النساء فلا يتعين الرجل للشطر. (فإن رجع هو أو ثنتان) فقط (فلا غرم) على من رجع (في الأصح) لبقاء الحجة.
والثاني: عليه أو عليهما الثلث كما لو رجع الجميع. وعلى الأول لو شهد مع عشرة نسوة ثم رجعوا غرم السدس وعلى كل ثنتين السدس، فإن رجع منهن ثمان أو هو ولو مع ست فلا غرم على الراجح لما مر، وإن رجع مع سبعة غرموا الربع لبطلان ربع الحجة، وإن رجع كلهن دونه أو رجع هو مع ثمان غرموا النصف لبقاء نصف الحجة فيهما، أو مع تسع غرموا ثلاثة أرباع، وإن رجع كلهن دونه غرموا نصفا لما مر. (وإن شهد هو و) نساء (أربع بمال) ثم رجعوا (فقيل كرضاع) فعليه ثلث الغرم وعليهن ثلثاه.
تنبيه: قد يوهم كلامه أنه لو رجع الرجل وحده على هذا القول أنه لا غرم عليه كالرضاع، ولا قاتل به كما قاله البلقيني، لأن المال لا يثبت بالنسوة. فإن قيل: تشبيهه بالرضاع إنما هو في حال رجوع الكل، فعليه ثلث وهن ثلث بدليل قوله: (والأصح، هو نصف وهن نصف) لأنه نصف البينة، وهن وإن كن مع الرجل بمنزلة رجل واحد.