مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٠
كما يوهمه كلامه وإلا لجاز انفراد الواحد منهم بالقصاص وليس مرادا، ويقسم القصاص بين الورثة على حسب إرثهم لأنه حق يورث فكان كالمال، فلو خلف قتيل زوجته ابنا كان لها الثمن وللابن الباقي، والثاني يثبت للعصمة الذكور خاصة لأن القصاص لرفع العار فاختص بهم كولاية النكاح، والثالث يستحقه الوارثون بالنسب دون السبب لانقطاعه بالموت فلا حاجة إلى التشفي. أما قصاص الطرف إذا مات مستحقه فإنه يثبت لجميع الورثة قطعا. قال البلقيني: ويحتمل جريان الخلاف الذي في النفس فيه لكنهم لم يذكروه.
تنبيه: قد سبق أن المجروح إذا ارتد ومات بالسراية فنفسه هدر ويستوفي جرحه قريبه المسلم مع أنه غير وارث، وخرج بالوارث الخاص العام فإن فيه قولين هل يقتص أو لا؟ وأظهرهما أنه يقتص، وعليه فيقتص الإمام مع الوارث غير الحائز، وله أن يعفو على مال إن رأى المصلحة في ذلك، وقياس توريث ذوي الأرحام في غير القصاص أن يقال به فيه أيضا، ومحل ثبوته للورثة في غير قطع الطريق، أما فيه فالقصاص حتى يتم بشرطه الآتي في باب قاطع الطريق ويتعلق بالإمام دون الورثة. (وينتظر) حتما في غير قاطع الطريق (غائبهم) إلى حضوره أو إذنه (وكمال صبيهم) ببلوغه عاقلا (و) كمال (مجنونهم) بإفاقته لأن القصاص للتشفي فحقه التفويض إلى خيرة المستحق فلا يحصل باستيفاء غيره من ولي أو حاكم أو بقية الورثة، ولو حكم للكبير حاكم باستيفاء القصاص لم ينقض حكمه في أصح الوجهين، حكاهما والد الروياني عن جده، وإذا كان الصبي والمجنون فقيرين محتاجين للنفقة جاز لولي المجنون غير الوصي العفو على الدية دون ولي الصبي على الأصح في الروضة في كتاب اللقيط، لأن الصبي غاية تنتظر بخلاف المجنون. وقيل يجوز للولي في الصبي أيضا، وجرى عليه في التنبيه وأقره عليه المصنف في تصحيحه ونبهت في شرحه على ضعفه. أما في قاطع الطريق فلا ينتظر ما ذكر كما قاله الزركشي فإنه لا يصح العفو عنه (ويحبس القاتل) أو القاطع حتما كما جزم به الماوردي والروياني إلى أن يزول المانع حفظا لحق المستحق، لأنه استحق قتله، وفيه إتلاف نفس ومنفعة، فإذا تعذر استيفاء نفسه أتلفنا منفعته بالحبس، ولا يحتاج الحاكم في حبسه بعد ثبوت القتل عنده إلى إذن الولي والغائب كما قاله الروياني وغيره (ولا يخلى بكفيل) لأنه قد يهرب فيفوت الحق.
تنبيه: محل الحبس في غير قاطع الطريق، أما فيه فالقصاص متحتم بشرطه فلا يؤخر. ولينفقوا) أي مستحقو القصاص المكلفون الحاضرون (على مستوف) له منهم أو من غيرهم وليس لهم أن يجتمعوا على مباشرة استيفائه لأن فيه زيادة تعذيب للجاني، ويؤخذ من العلة أن لهم ذلك إذا كان القصاص بنحو إغراق أو تحريق وهو كذلك كما صرح به البلقيني.
تنبيه: يشترط في المستوفي الذي يتفقون عليه أن يكون مسلما إذا كان المقتول مسلما، وأن لا يكون من المستحقين للقصاص إذا كان القصاص في طرف، بل يتعين توكيل أجنبي إذا لم يأذن الجاني كما سيأتي (وإلا) بأن لم يتفقوا على مستوف، بل أراد كل منهم أو بعضهم أن يستوفيه بنفسه (فقرعة) بينهم واجبة كما قاله الروياني لعدم المزية، فمن خرجت قرعته تولاه بإذن الباقين بعدها بخلاف نظيره في التزويج، فإن من خرجت قرعته من الأولياء يزوج ولا يحتاج إلى إذنهم بعدها، لأن القصاص مبني على الدرء والاسقاط، ولجميعهم ولبعضهم تأخيره كإسقاطه، والنكاح لا يجوز تأخيره عند الطلب.
تنبيه: محل وجوب القرعة إذا كان القصاص بجارح أو مثقل يحصل به زيادة تعذيب، فإن كان بإغراق أو تحريق أو رمي صخرة أو نحو ذلك فللورثة الاجتماع عليه كما مر ولا حاجة للقرعة وعلى وجوب القرعة (يدخلها العاجز) عن الاستيفاء كشيخ وامرأة، لأنه صاحب كالقادر (ويستنيب وقيل) وهو الأصح عند الأكثرين كما في الروضة (لا يدخل) وصححه في الشرح الصغير ونص عليه في الام. وقال البلقيني: إنه هو المعتمد في الفتوى. وقال الروياني
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548