كما يوهمه كلامه وإلا لجاز انفراد الواحد منهم بالقصاص وليس مرادا، ويقسم القصاص بين الورثة على حسب إرثهم لأنه حق يورث فكان كالمال، فلو خلف قتيل زوجته ابنا كان لها الثمن وللابن الباقي، والثاني يثبت للعصمة الذكور خاصة لأن القصاص لرفع العار فاختص بهم كولاية النكاح، والثالث يستحقه الوارثون بالنسب دون السبب لانقطاعه بالموت فلا حاجة إلى التشفي. أما قصاص الطرف إذا مات مستحقه فإنه يثبت لجميع الورثة قطعا. قال البلقيني: ويحتمل جريان الخلاف الذي في النفس فيه لكنهم لم يذكروه.
تنبيه: قد سبق أن المجروح إذا ارتد ومات بالسراية فنفسه هدر ويستوفي جرحه قريبه المسلم مع أنه غير وارث، وخرج بالوارث الخاص العام فإن فيه قولين هل يقتص أو لا؟ وأظهرهما أنه يقتص، وعليه فيقتص الإمام مع الوارث غير الحائز، وله أن يعفو على مال إن رأى المصلحة في ذلك، وقياس توريث ذوي الأرحام في غير القصاص أن يقال به فيه أيضا، ومحل ثبوته للورثة في غير قطع الطريق، أما فيه فالقصاص حتى يتم بشرطه الآتي في باب قاطع الطريق ويتعلق بالإمام دون الورثة. (وينتظر) حتما في غير قاطع الطريق (غائبهم) إلى حضوره أو إذنه (وكمال صبيهم) ببلوغه عاقلا (و) كمال (مجنونهم) بإفاقته لأن القصاص للتشفي فحقه التفويض إلى خيرة المستحق فلا يحصل باستيفاء غيره من ولي أو حاكم أو بقية الورثة، ولو حكم للكبير حاكم باستيفاء القصاص لم ينقض حكمه في أصح الوجهين، حكاهما والد الروياني عن جده، وإذا كان الصبي والمجنون فقيرين محتاجين للنفقة جاز لولي المجنون غير الوصي العفو على الدية دون ولي الصبي على الأصح في الروضة في كتاب اللقيط، لأن الصبي غاية تنتظر بخلاف المجنون. وقيل يجوز للولي في الصبي أيضا، وجرى عليه في التنبيه وأقره عليه المصنف في تصحيحه ونبهت في شرحه على ضعفه. أما في قاطع الطريق فلا ينتظر ما ذكر كما قاله الزركشي فإنه لا يصح العفو عنه (ويحبس القاتل) أو القاطع حتما كما جزم به الماوردي والروياني إلى أن يزول المانع حفظا لحق المستحق، لأنه استحق قتله، وفيه إتلاف نفس ومنفعة، فإذا تعذر استيفاء نفسه أتلفنا منفعته بالحبس، ولا يحتاج الحاكم في حبسه بعد ثبوت القتل عنده إلى إذن الولي والغائب كما قاله الروياني وغيره (ولا يخلى بكفيل) لأنه قد يهرب فيفوت الحق.
تنبيه: محل الحبس في غير قاطع الطريق، أما فيه فالقصاص متحتم بشرطه فلا يؤخر. ولينفقوا) أي مستحقو القصاص المكلفون الحاضرون (على مستوف) له منهم أو من غيرهم وليس لهم أن يجتمعوا على مباشرة استيفائه لأن فيه زيادة تعذيب للجاني، ويؤخذ من العلة أن لهم ذلك إذا كان القصاص بنحو إغراق أو تحريق وهو كذلك كما صرح به البلقيني.
تنبيه: يشترط في المستوفي الذي يتفقون عليه أن يكون مسلما إذا كان المقتول مسلما، وأن لا يكون من المستحقين للقصاص إذا كان القصاص في طرف، بل يتعين توكيل أجنبي إذا لم يأذن الجاني كما سيأتي (وإلا) بأن لم يتفقوا على مستوف، بل أراد كل منهم أو بعضهم أن يستوفيه بنفسه (فقرعة) بينهم واجبة كما قاله الروياني لعدم المزية، فمن خرجت قرعته تولاه بإذن الباقين بعدها بخلاف نظيره في التزويج، فإن من خرجت قرعته من الأولياء يزوج ولا يحتاج إلى إذنهم بعدها، لأن القصاص مبني على الدرء والاسقاط، ولجميعهم ولبعضهم تأخيره كإسقاطه، والنكاح لا يجوز تأخيره عند الطلب.
تنبيه: محل وجوب القرعة إذا كان القصاص بجارح أو مثقل يحصل به زيادة تعذيب، فإن كان بإغراق أو تحريق أو رمي صخرة أو نحو ذلك فللورثة الاجتماع عليه كما مر ولا حاجة للقرعة وعلى وجوب القرعة (يدخلها العاجز) عن الاستيفاء كشيخ وامرأة، لأنه صاحب كالقادر (ويستنيب وقيل) وهو الأصح عند الأكثرين كما في الروضة (لا يدخل) وصححه في الشرح الصغير ونص عليه في الام. وقال البلقيني: إنه هو المعتمد في الفتوى. وقال الروياني