المذهب، لأن القصاص موجب الاتلاف فيتعجل كقيم المتلفات والتأخير أولى لاحتمال العفو (و) يقتص (في الحرم) لأنه قتل لو وقع في الحرم لم يضمن فلا يمنع منه كقتل الحية والعقرب، وسواء التجأ إليه أم لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة يوم الفتح قيل له إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال اقتلوه. وفي الصحيحين إن الحرم لا يعيذ فارا بدم ولان القصاص على الفور فلا يؤخر.
تنبيه: يستثنى من قوله: على الفور ما لو التجأ إلى الكعبة أو المسجد الحرام أو غيره من المساجد كما قاله الإمام أو ملك إنسان فيخرج منه، ويقتل صيانة للمسجد ولأنه يمتنع استعمال ملك الغير بغير إذنه لأن التأخير المذكور يسير.
وظاهر كلام الرافعي أن الاستيفاء في المسجد حرام، وهو كذلك إن خيف التلويث، وإلا فمكروه كما قاله المتولي، وكذا لو التجأ إلى مقابر المسلمين ولم يمكن قتله إلا بإراقة الدم عليها كما قال البلقيني (و) يقتص في (الحر والبرد والمرض) وإن كان مخطرا، وكذا لا يؤخر الجلد في القذف.
تنبيه: شمل إطلاقه قصاص الطرف، وهو ما نقلاه عن قطع الغزالي والبغوي وغيرهما، وما نقل عن نص الام من أنه يؤخر محمول على الندب بخلاف قطع السرقة والجلد في حدود الله تعالى، لأن حقوق الله تعالى مبنية على التخفيف وللمجني عليه أن يقطع الأطراف متوالية ولو فرقت من الجاني لأنها حقوق واجبة في الحال (وتحبس الحامل) عند طلب المستحق حبسها (في قصاص النفس أو الطرف) أو المعنى أو حد القذف كما هو مقتضى كلام ابن المقري (حتى) تضع ولدها و (ترضعه اللبأ) وهو بهمز وقصر اللبن أول الولادة، ولا بد من انقضاء النفاس كما قاله ابن الرفعة (ويستغنى) ولدها (بغيرها) من امرأة أخرى أو بهيمة يحل لبنها (أو فطام حولين) إن فقد ما يستغني الولد به، هذا كالمستثنى من فورية القصاص. أما تأخيرها إلى الوضع في قصاص النفس فبالاجماع كما قاله القاضي أبو الطيب، ولأنه اجتمع فيها حقان: حق الجنين، وحق الولي في التعجيل، ومع الصبر يحصل استيفاء الجنين، فهو أولى من تفويت أحدهما. وأما في قصاص الطرف أو المعنى أو حد القذف فلان في استيفائه قد يحصل إجهاض الجنين وهو متلف له غالبا وهو برئ فلا يهلك بجريمة غيره، ولا فرق بين أن يكون الجنين من حلال أو حرام، ولا بين أن يحدث بعد وجوب العقوبة أو قبلها حتى أن المرتدة لو حملت من الزنا بعد الردة لا تقتل حتى تضع حملها. وأما تأخيرها لارضاع اللبأ فلان الولد لا يعيش إلا به محققا أو غالبا مع أن التأخير يسير. وأما تأخيرها للاستغناء بغيرها فلأجل حياة الولد أيضا فإنه إذا وجب التأخير لوضعه فوجوبه بعد وجوده وتيقن حياته أولى. ويسن صبر الولي بالاستيفاء بعد وجود مرضعات يتناوبنه أو لبن شاة أو نحوه حتى توجد امرأة راتبة مرضعة لئلا يفسد خلقه ونشؤه بالألبان المختلفة ولبن البهيمة، وتجبر المرضعة بالأجرة، فلو وجد مراضع وامتنعن أجبر الحاكم من يرى منهن بالأجرة.
تنبيه: قوله: أو فطام حولين محله إذا تضرر بفطمه قبلهما ولم يتضرر به عندهما، وإلا فعل ما لا يتضرر به من نقص في الأولى مع توافق الأبوين أو رضا السيد في ولد الأمة وزيادة في الثانية، فالتقييد بالحولين كما قال ابن الرفعة نظرا للغالب، وهذا الحبس متعلق بنظر المستحق، فلا يحبسه الحاكم بغير طلب بخلاف الحبس لانتظار الغائب وكمال الصبي والمجنون فإنه متعلق بالحاكم فيحبسه وإن لم يطلب المستحق.
فروع: لو بادر المستحق وقتلها بعد انفصال الولد قبل وجود ما يغنيه فمات لزمه القود فيه كما لو حبس رجلا ببيت ومنعه الطعام حتى مات، فإن قتلها وهي حامل ولم ينفصل حملها أو انفصل سالما ثم مات فلا ضمان عليه لأنه لا يعلم أنه مات بالجناية، فإن انفصل ميتا فالواجب فيه غرة وكفارة أو متألما ثم مات فدية وكفارة لأن الظاهر أن تألمه وموته من موتها والدية والغرة على عاقلته لأن الجنين لا يباشر بالجناية، ولا تتيقن حياته فيكون هلاكه خطأ أو شبه عمد بخلاف الكفارة فإنها في ماله، وإن قتلها الولي بأمر الإمام كان الضمان على الإمام