في البحر: إن الأول غلط لأنها للاستيفاء فيختص بأهله، وعلى هذا لو خرجت لقوي فعجز قبل الاستيفاء أعيدت للباقين.
تنبيه: ظاهر كلامهم في المرأة تخصيصها بالعاجزة، فلو كانت قوية جاز لها الاستيفاء، وبه صرح القاضي.
(ولو بدر) أي أسرع (أحدهم) أي المستحقين للقصاص (فقتله) أي الجاني قبل العفو (فالأظهر) أنه (لا قصاص) عليه، لأن له حقا في قتله فيدفع حقه العقوبة عنه كما إذا وطئ أحد الشريكين الأمة المشتركة لا يلزمه الحد (وللباقين) من المستحقين (قسط الدية) لفوات القصاص بغير اختيارهم (من تركته) أي الجاني، لأن المبادر فيما وراء حقه كالأجنبي. ولو قتله أجنبي أخذ الورثة الدية من تركة الجاني لا من الأجنبي فكذا هنا، ولو ورث الجاني على المبادر قسط ما زاد على قدر حصته من الدية (وفي قول من المبادر) لأنه أتلف ما يستحقه هو وغيره فيلزمه ضمان حق غيره، وفي قول مخرج أنهم بالخيار، ومقابل الأظهر عليه القصاص لأنه استوفى أكثر من حقه فأشبه ما لو استحق طرفا فاستوفى نفسا، وعلى هذا إذا اقتص منه استحق ورثته قسطه من تركة الجاني كالباقين.
تنبيه: محل الخلاف ما إذا علم تحريم القتل ولم يحكم حاكم له بقصاص ولا منع، فإن جهله أو حكم له به حاكم فلا قصاص قطعا، أو حكم حاكم بمنعه من القصاص فعليه القصاص جزما، وفيمن يحمل الدية إذا قتله المبادر جاهلا بالتحريم قولان: أوجههما كما قاله بعض المتأخرين أنها على العاقلة. (وإن بادر بعد عفو غيره) من المستحقين (لزمه القصاص) في الأصح، سواء أعلم بعفو غيره أم لا لارتفاع الشبهة، لأن حقه من القود سقط بعفو غيره. فإن قيل:
الوكيل إذا اقتص جاهلا بالعزل لا قصاص عليه فهلا كان هنا كذلك؟. أجيب بأن الوكيل يجوز له الاقدام بغير إذن ولا يجوز لاحد الورثة الاقدام بعد خروج القرعة إلا بإذن منهم.
تنبيه: بادر: لغة في بدر (وقيل لا) قصاص عليه (إن لم يعلم) بعفو غيره (و) لم (يحكم قاض به) أي بنفي القصاص عن المبادر، وظاهر عبارته اختصاص جريان هذا الوجه بانتفاء العلم والحكم معا وليس مرادا، بل أحدهما كاف إلا أن يحمل على أن الواو في كلامه بمعنى أو فيصح، ويوجه عدم القصاص في نفيهما أو العلم فقط بعدم العلم، وفي نفي الحكم بشبهة اختلاف العلماء، فإن منهم من ذهب إلى أن لكل وارث من الورثة الانفراد باستيفاء القصاص.
تنبيه: أفهم كلامه أن الخلاف وجهان مع أنه قولان كما صوبه الزركشي، وأفهم أيضا لزوم القصاص في صورة الجهل بالعفو، وهو الظاهر وإن لم يصرح فيها في الروضة بتصحيح، وأفهم أيضا لزوم القصاص جزما بعد العلم بالعفو وحكم الحاكم بالسقوط، وبه صرح في الروضة وأصلها، وإذا اقتص منه للجاني فنصيبه لورثته في تركة الجاني، فإن عفا عنه وارث الجاني عمل بمقتضى العفوين من وجوب المال وعدمه (ولا يستوفي قصاص) في نفس أو غيرها (إلا بإذن الإمام) فيه لخطره، ولان وجوبه يفتقر إلى اجتهاد لاختلاف الناس في شرائط الوجوب والاستيفاء.
تنبيه: المراد بالإمام هنا الأعظم أو نائبه، وكذا القاضي كما صرح به الماوردي واقتضاه كلام الرافعي في باب أدب القضاء. فإنه ذكر أن القاضي يستفيد بولايته إقامة الحدود، وظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط حضور الإمام، بل يكفي إذنه وهو كذلك، لكن يسن حضوره أو نائبه وحضور شاهدين وأعوان السلطان وأمر المقتص منه بما عليه من صلاة يومه وبالوصية بماله وعليه، وبالتوبة والرفق في سوقه إلى موضع الاستيفاء، وستر عورته وشد عينيه وتركه ممدود العنق وكون السيف صارما إلا إن قتل بكال فيقتص به. ويشترط أن لا يكون السيف مسموما، ويستثنى من اعتبار إذن الإمام صور: إحداها السيد فإنه يستوفي القصاص من رقيقه على الأصح كما اقتضاه كلام الشيخين. ثانيها إذا انفرد بحيث لا يرى كما بحثه ابن عبد السلام، وفي معناه كما قال الزركشي ما إذا كان بمكان لا إمام فيه، ويوافقهما قول الماوردي: أن من وجب له على شخص حد قذف أو تعزير وكان ببادية بعيدة عن السلطان له استيفاؤه إذا قدر