إلى إرساله مرة ثانية. (وإلا) بأن لم يشهدوا على عينه (فعلى المدعي مؤنة الرد) للمدعى به والاحضار له إلى مكانه لتعديه، ولهذا كان مضمونا عليه كما حكاه ابن الرفعة عن البندنيجي. وعليه أيضا أجرته لمدة الحيلولة إن كانت له منفعة كما قاله العراقيون لأنه عطل منفعته على صاحبه بغير حق. (أو) كان المدعى به عينا (غائبة عن المجلس) للحكم (لا) عن (البلد أمر) بضم أوله، أي أمر القاضي الخصم أو من العين في يده (بإحضار ما يمكن) أي يسهل (إحضاره ليشهدوا بعينه) أي عليها لتيسر ذلك، والفرق بينه وبين الغائب عن البلد بعد المسافة وكثرة المشقة. أما ما لا يمكن إحضاره كالعقار فيحده المدعي ويقيم البينة بتلك الحدود. فإن قال الشهود: نعرف العقار بعينه لا نعرف الحدود، بعث القاضي من يسمع البينة على عينه أو يحضر بنفسه، فإن كان المشار إليه بالحدود المذكورة في الدعوى حكم وإلا فلا. هذا إذا لم يكن العقار مشهورا بالبلد وإلا لم يحتج إلى تحديده كما مر في العين الغائبة عن البلد. وأما ما يعسر إحضاره كالشئ الثقيل أو ما أثبت في الأرض أو ركز في الجدار وأورث قلعه ضررا فكالعقار، فلو عبر المصنف بتيسر إحضاره دون الامكان كان أولى ليشمل ما ذكر. ويستثنى من إطلاقه وجوب الاحضار ما لو كانت العين مشهودة للناس فإنه لم يحتج إلى إحضارها، وكذا إذا عرفها القاضي وحكم بعلمه بناء على جواز حكمه بعلمه.
تنبيه: قضية قوله: غائبة عن المجلس لا البلد أن الغائبة عن البلد لا يؤمر بإحضارها وإن قربت، وليس مرادا، بل الغائبة عن البلد بموضع يجب الأعداء إليه كالتي في البلد لاشتراك الحالين في إيجاب الحضور كما نبه على ذلك في المطلب.
(ولا تسمع شهادة بصفة) لعين غائبة عن مجلس الحكم وإن سمعت الدعوى بها، لأنه إنما جاز السماع حال غيبتها عن البلد للحاجة وهي منتفية هنا كما لا تسمع في غيبة المدعى عليه عن المجلس لا البلد، بل إن كان الخصم حاضرا أمر بإحضارها ليقيم البينة على عينها إن أقر باشتمال يده عليها، وحيث امتنعت الشهادة بالوصف امتنع الحكم.
تنبيه: ما جزم به من عدم السماع بالصفة ذكره في الروضة، ثم قال بعد ذلك: ولو شهدوا أنه غصب عبدا بصفة كذا فمات العبد استحق بتلك الشهادة قيمته على تلك الصفة. وهذا ما عزاه الرافعي لصاحب العدة، قال ابن شهبة: وهو مخالف لكلامهما الأول. (وإذا وجب إحضار) الشئ المدعى ولا بينة لدعيه (فقال) المدعى عليه: (ليس بيدي عين بهذه الصفة، صدق بيمينه) على حسب جوابه، لأن الأصل عدم عين تحت يده بهذه الصفة. (ثم) بعد حلفه يجوز (للمدعي دعوى القيمة) لاحتمال أنها هلكت.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه يدعي القيمة مطلقا وليس مرادا، بل إنما يدعي القيمة فيما إذا كانت متقومة، فإن كانت مثلية ادعى المثل لأنه يضمن به. (فإن نكل) المدعى عليه عن اليمين (فحلف المدعي، أو) لم ينكل، بل (أقام) المدعي (بينة) حين إنكاره بأن العين الموصوفة كانت بيده، (كلف الاحضار) للمدعى به ليشهد الشهود على عينه كما سبق. (و) إن امتنع ولم يبد عذرا (حبس عليه) أي الاحضار، لأنه امتنع من حق واجب عليه. (ولا يطلق) من الحبس (إلا بإحضاره) المدعى به، لأنه عين ما حبس عليه. (أو دعوى تلف) له فيصدق بيمينه، وإن ناقض قوله الأول للضرورة، لأنه قد يكون صادقا، ولأنا لو لم نقبل قوله لخلد عليه الحبس.
تنبيه: هذا إذا أطلق دعوى التلف أو أسندها إلى جهة خفية كسرقة، أما لو أسندها إلى سبب ظاهر، فالوجه كما قاله الأذرعي تكليفه البينة على وجود السبب كما مر في الوديعة، ثم يصدق في دعوى التلف به بيمينه، ثم ما ذكره المصنف فيمن جزم بالدعوى. (و) حينئذ (لو شك المدعي) على من غصب عينا منه، أي تردد: بأن تساوى عنده