مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٠٢
فالأسبق منهم بمجلس الحكم إن جاءوا مترتبين وعرف السابق، لأنه العدل، كما لو بسبق موضع مباح، والعبرة بسق المدعي دون المدعى عليه، لأن الحق للمدعي.
تنبيه: قال البلقيني: محل وجوب تقديم السابق إذا تعين على القاضي فصل الخصومات، وإلا فله أن يقدم من شاء كما صرحوا به في العلم الذي لا يجب تعليمه. (فإن جهل) الأسبق منهم (أو جاءوا معا أقرع) بينهم، وقدم من خرجت قرعته، إذ لا مرجح، فإن آثر بعضهم بعضا جاز. هذا إذا أمكن الاقراع، فإن كثروا أو عسر الاقراع كتب أسماءهم في رقاع وجعلها بين يديه ليأخذها واحدة واحدة ويقدم صاحبها، هكذا قالاه، وهذا نوع من الاقراع كما صرح به الروياني. وتسمع دعوى الأول فالأول حتما، فإن كان فيهم مريض يتضرر بالصبر لتوبته فالأولى لغيره كما قال الروياني وغيره تقديمه، فإن لم يفعل قدمه القاضي إن كان مطلوبا ولا يقدمه إن كان طالبا، لأن المطلوب مجبور والطالب مجبر.
تنبيه: لا يقدم القاضي بعض المدعين على بعض إلا في صورتين، أشار للأولى منهما بقوله: (ويقدم) ندبا على المختار في زوائد الروضة، (مسافرون مستوفرون) أي متهيئون للسفر خائفون من انقطاعهم إن تأخروا على مقيمين لئلا يتضرروا بالتخلف. وأشار للثانية بقوله: (و) يقدم (نسوة) على رجال طلبا لسترهن (وإن تأخروا) أي المسافرون والنسوة في المجئ إلى القاضي، وفيه تغليب المذكر على المؤنث، وكذا في قوله: (ما لم يكثروا) فإن كثروا بل أو ساووا كما في المهذب، أو كان الجميع مسافرون أو نسوة، فالتقديم بالسبق أو القرعة.
تنبيه: أفهم إطلاقه المسافرين والنسوة أنه لا فرق فيه بين كون كل منهما مدعيا أو مدعى عليه، وهو ما بحثه في أصل الروضة، وإن نازع فيه البلقيني وقال: إنه مختص بالمدعين. والخناثى مع الرجال كالنسوة. ويقدم المسافر المرأة المقيمة كما صرح به في الأنوار. وإطلاق المصنف النساء يقتضي أنه لا فرق بين الشابة والعجوز، وهو كذلك وإن قال الزركشي: القياس إلحاق العجوز بالرجال لانتفاء المحذور. وأفهم اقتصاره على المسافرين والنسوة الحصر فيهما، وليس مرادا، بل المريض كما سبق كذلك. قال الزركشي: وينبغي أن يلحق به من له مريض بلا متعهد، وتقديم مسلم على كافر. والازدحام على المفتي والمدرس كالازدحام على القاضي إن كان العلم فرضا ولو على الكفاية، وإلا فالخبرة إلى المفتي أو المدرس. (ولا يقدم سابق وقارع) أي من خرجت قرعته، (إلا بدعوى) واحدة وإن اتحد المدعى عليه لئلا يتضرر الباقون، لأنه ربما استوعب المجلس بدعاويه فتسمع دعواه وينصرف ثم يحضر في مجلس آخر وينتظر فراغ دعوى الحاضرين ثم تسمع دعواه. الثانية: إن بقي وقت ولم يضجر.
تنبيه: سكت المصنف عن حكم تقديم المسافر والنسوة، والأرجح تقديمهم بدعاويهم إن كانت خفيفة لا تضر بالمقيمين في الأولى وبالرجال في الثانية، فإن طالت قدم من ذكر بواحدة لأنها مأذون فيها، وقد يقنع بواحدة ويؤخر الباقي إلى أن يحضر، هذا ما رجحه في الروضة، واعترضه الأسنوي بأن ما ذكره من التقديم بواحدة فقط ممنوع بل القياس على ما قاله أن يسمع في عدد لا يضر بالباقين، كما لو لم يكن معه غيره، أي من المسافرين أو النساء. قال الأذرعي: وهذا لا يكاد ينضبط. وإذا قدمنا بواحدة فالمراد كما بحثه شيخنا التقديم بالدعوى وجوبها وفصل الحكم فيها.
نعم إن تأخر الحكم لانتظار بينة أو تزكية أو نحوها سمع دعوى من بعده حتى يحضر هو ببينته فيشتغل حينئذ بإتمام خصومته، ولا وجه لتعطيل الخصوم، ذكره الأذرعي وغيره.
تنبيه: لو قال كل من الخصمين: أنا المدعي، فإن كان قد سبق أحدهما إلى الدعوى لم تقطع دعواه بل على الآخر أن يجيب ثم يدعي إن شاء وإلا ادعى من بعث منهما العون خلف الآخر، وكذا من أقام بينة بأنه أحضر الآخر ليدعي عليه، فإن استووا أقرع بينهم فمن خرجت قرعته ادعى. (ويحرم) على القاضي اتخاذ شهود معينين
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548